عبدالسلام القيسي
"نيوزيمن" والمهنية غير المحايدة
كتبت مرات كثيرة عن "الحياد"، لعنته.
فالحياد كذبة كبيرة ويخفي خلف هذه الكلمة الناس وجوههم، وسوءهم، وكذباتهم الكبيرة.
فالناس ينتمون لشيء، أي شيء، ولا يمكن لشخص أن يكون غير حيادي البتة.
فكذبة كبيرة وأكبر الكذبات هي الإعلان عن الحياد، كذبة عصرية منقمة بالكلمات.
وادعاء النبوية وحتى الأنبياء لا يحايدون فهم وجدوا لأجل فكرة نبيلة ولهم حق الدفاع والانحياز لفكرتهم فلماذا تحايد أنت؟
هذا التعريف البسيط لموقع "نيوزيمن" يشدني إليه كل مرة (مهنية لكنها غير محايدة).
هذا الاعتراف الحقيقي بكنه المحتوى هو أكبر الحقائق في الزمن المزيف، في زمن ربطات العنق الملونة بالأكليشيهات الباذخة.
يشدني إليه الموقع بهذا التعريف البسيط، لا داعي للكذب.
فأنا ضمن رأي ورؤية، هكذا يقول الموقع، ولا أعلن حيادي لأكذب على المتابعين ولكن أعلن مهنيتي.
فالمهنية غير الحياد، المهنية تستطيع أن تنالها وأنت بعمق انتماءك لفكرة، المهنية هي الحقيقة، أن تكون منصفاً فالإنصاف مهنية.
لا أريد حيادك، أريدك أن تكون منتمياً لطرفك بشرط الإنصاف فقط.
والذين يعرفون هذه الحقيقة هم أرباب الكلمة في البلد، الذين عاشوا في زمن النبل والكلمة الحقة وليسوا من زمن التفاعلية التي حولت الحمقى إلى صحفيين والتافيهن إلى مشاهير بلغة ولكنة اللايكات.
ولسوف يظهر أحدهم وهو لا يدرك أي شيء ويسخر مما كتبت.
وأقسم لو أن هذا التعريف بموقع آخر غير موقع "نيوزيمن" لكتبت عليه كما كتبت اللحظة عن "نيوزيمن".
فالتفرد في هذا الزمن أن تظهر ملامحك وتقول كل شيء كما لم يقل أحد وتعلن رأيك وانتماءك بصورة جلية.
كل الصحف والمواقع تقول شيئا وهي بودها قول شيء آخر، تلوي الحقيقة حسب المزاج وفي ذاتها أن لا تفعل، تدعي السمو وهي غير سامية وتظهر بمظهر الجميع وهي تكره الجميع، وتسقط هناك بالحلقة الواسطة بين الشيء وذاته الحقيقية والرمزية وتنخفض وهي تظن ذاتيتها تعلو.
فالأقنعة ربما تفيدك نوعاً ما وتمنحك الشهرة قليلاً من الوقت ولكنك بذات الوقت تخسر وجهك الحقيقي، وتفشل في استرداده.
ومن منكم يريد خسارة وجهه الحقيقي وحقيقته؟ لا أحد.
خالص تقديري لموقع "نيوزيمن" الذي لم يرضخ لنظام التفاهة.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك