منذ أغسطس 1967 أخذت الأحداث في الجنوب تتحول بصورة دراماتيكية وغير متوقعة لصالح الجبهة القومية التي لم تدعمها حتى دولة واحدة، حتى ان هناك من شكك بموقف بريطانيا من ذلك التحول المفاجئ.
وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه احد تبرئة بريطانيا من الإسهام بصورة أو بأخرى في ذلك الحدث، الا أن الحقيقة أن هناك عوامل عدة خدمت الجبهة القومية وخذلت في الوقت نفسه جبهة التحرير التي كانت تدعمها الدول العربية واعتبرتها جامعة الدول العربية الممثل الوحيد لشعب الجنوب.
ولا يتسع المجال هنا للحديث عن تلك العوامل كلها، لكن يمكن لنا التركيز على أهمها:
1- جبهة التحرير عولت كثيرا في نشاطها ودعمها على الخارج لا سيما العربي، بخلاف الجبهة القومية التي عولت كثيرا على الداخل واعتمدت على تبرعات الأعضاء لا سيما المغتربين في الكويت.
2- جبهة التحرير كانت تضم قيادات كبيرة مثل المكاوي والاصنج والسلطان أحمد الفضلي وكلها كانت تبحث عن المكانة الشخصية والزعامة، بخلاف الجبهة القومية التي كانت قيادتها لا تبحث عن زعامة وإنما عن عقيدة وفكر.
3- جبهة التحرير اهملت العمل في أوساط الجيش والأمن وعلقت أملها على الجيش الشعبي الذي دربته في مصر والشمال بخلاف الجبهة القومية التي عملت بصورة سرية داخل الجيش والأمن واستقطبت معظم ضباطه وجنوده، وكان لذلك تأثيره الكبير على موقف الجيش والأمن.
4- جبهة التحرير ركزت في نشاطها بشكل اساسي على المدن حيث الناس لا تميل للعنف، بخلاف الجبهة القومية التي لم تهمل العمل في الارياف حيث الناس تميل للحرب والقتال.
5- جبهة التحرير كانت جبهة عريضة تضم أطرافا عدة لكل منها مشاربه الفكرية ومشاريعه السياسية، بخلاف الجبهة القومية التي كان لها تنظيم متماسك، ولها فكر سياسي واحد وهو فكر حركة القوميين العرب.
والخلاصة والرسالة: من راهن على الخارج، واهمل الداخل طحس.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك