حسام ردمان

حسام ردمان

تابعنى على

سباق القائد والأمراء.. لماذا يظهر شلال شائع في هذا التوقيت؟

Friday 24 February 2023 الساعة 03:52 pm

لم يكن اللواء شلال شائع، من طينة المسؤولين الأمنيين الذين يتوارون عن المشهد بمجرد أن يتنحوا عن منصبهم. 

صحيح أن الرجل لم يبد أي ممانعة حين تقرر إعفاؤه من موقعه كمدير لأمن العاصمة عدن، وقد تخلى بسهولة عن دوره كموظف رسمي للدولة، لكنه لم يستطع أن يتخلص من قدره كقائد مؤثر.

ولأكثر من عامين حاول شلال السكون في منزل أبيه بالتواهي.. لكن رصيده النضالي في صفوف الحراك الجنوبي ودوره الرائد في مقاومة الحوثيين أولا ثم في مكافحة الإرهاب ثانيا، جعله عاجزا عن التواري في بيته بهدوء.

وظل منزله قبلة يومية للزائرين إما بدافع التقدير الشخصي أو بدافع الحماسة للقائد.

 وكان شلال يستقبل زائريه وهو قليل الكلام على غير عادته، وإذا ما احتد النقاش فإنه يرد بعبارة واحدة:

"انا ما ادورش على أي دور سياسي أو منصب سلطوي، لكني باحاضر من دون تردد لمحاربة الإرهاب كمسؤولية اخلاقية وطنية، سواء كنت في منصب رسمي أو من موقعي كمواطن بسيط في عدن".

عبارة شلال السابقة شرحت بايجاز أسباب احجامه عن الظهور طيلة الفترة الماضية.

كما أنها تشرح أسباب حضوره القوي -والذي كان مفاجئا للكثيرين- يوم امس الأول، حينما ترأس عرضا عسكريا واسعا لقوات مكافحة الإرهاب في عدن.

 لقد ذهبت التفسيرات إلى القول بأن شلال يريد أن يبعث برسالة إلى التحالف العربي ومجلس القيادة الرئاسي عن أهمية دوره.

وقد يكون في ذلك نوع من الصحة، غير ان الدافع الاساسي وراء تحرك شلال يكمن في تطورات الساحة الجهادية محليا واقليميا، والتي شهدت ثلاث متغيرات حاسمة خلال العام الجاري.

فخلال الشهر الماضي عقد امير القاعدة في اليمن خالد باطرفي اجتماعا موسعا مع قيادات التنظيم واطلعهم على سياسته العسكرية الجديدة والتي تسعى إلى رفع وتيرة العمل المسلح في محافظات ابين وشبوة وعدن وحضرموت من خلال العمليات الانتحارية أو العبوات الناسفة.

 وكي يضمن باطرفي تنفيذ سياسته الجديدة فقد امر بتشكيل لجنة للتحشيد والتعبئة بقيادة ابوالهيجاء الحديدي (امير ولايات ابين وشبوة وعدن) وابو علي الحضرمي (المسؤول الشرعي)، وقد بدأت اللجنة على الفور بتنفيذ مهامها.

أما المتغير الثاني فكان امتثال باطرفي في سياسته الجديدة لتوجيهات القيادي المصري سيف العدل، والمقيم في إيران. 

وقد بات سيف العدل هو القائد الفعلي لتنظيم القاعدة بعد مقتل الظواهري وذلك وفق تصريحات الأمم المتحدة والخارجية الأمريكية في فبراير الجاري. 

وما لا يعرفه كثيرون هو أن سيف العدل قد كان المتحكم الفعلي بفرع القاعدة في اليمن منذ العام 2019 (و سوف نتفرغ لشرح ملابسات وتفاصيل نفوذ سيف العدل في اليمن في مناسبة قادمة، وتوضيح علاقة ذلك بالتعاون المتبادل بين الحوثين وتنظيم القاعدة الذي تنامى خلال الأعوام الأخيرة).

أما المتغير الثالث فكان ظهور القيادي الثاني في التنظيم سعد بن عاطف العولقي منتصف فبراير في تسجيل مرئي يحرض فيه مؤيديه على الحشد والقتال في شبوة وأبين. 

وكان الخلاف الحاد بين العولقي وباطرفي هو أحد الأسباب التي اسهمت في اضعاف فاعلية القاعدة، غير ان تسوية الخلافات بين الرجلين واتفاقهما على السياسة العسكرية الجديدة التي صاغها سيف العدل والتي تصب في صالح الحوثيين؛ كل ذلك مثل ناقوس خطر كبير أجبر شلال على الخروج عن صمته وإلى استعراض قوة أجهزة مكافحة الإرهاب في عدن والتلميح بأهمية دورها وضرورة دعمها في المستقبل القريب.

لقد كانت إزاحة اللواء شايع عن منصبه بعد اتفاق الرياض 1؛ خطأ استراتيجيا استفادت منه الجماعات الإرهابية بشقيها السني (القاعدة) والشيعي (الحوثي).

وقد اسفر ذلك عن سلسلة عمليات طالت اهم الشخصيات القيادية في عدن ولحج خلال العامين الماضيين مثل محافظ عدن لملس وكذلك قائد مقاومة البيضاء واللواء جواس، ومدير امن لحج صالح السيد.

واليوم فإن عدم عودة شلال للاضطلاع بدور أكبر في مكافحة الإرهاب سيشكل خطيئة استراتجية يقترفها مجلس القيادة الرئاسي.

 ولا يكفي أن يقوم الرجل بمهامه انطلاقا من واجبه الأخلاقي كمواطن، كما لا يجب ان يقتصر دور شلال المستقبلي على محافظة عدن فقط؛ بل يجب منحه مهام أوسع عملياتيا واستخباراتيًا في عموم المحافظات المحررة، وذلك من خلال التوجيه بتشكيل جهاز سيادي لمهام مكافحة الإرهاب يتبع مباشرة رئاسة الجمهورية. 

وإلى حين ذلك يجب الإسراع إلى تأسيس خلية عمل مشتركة تجمع اللواء شلال مع جهازي الأمن القومي والسياسي ومندوبين استخباراتيين من دول التحالف العربي لضبط البيئة الأمنية في ظل التحديات التي تفرضها تطورات الحركات الجهادية في الإقليم واليمن.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك