كل صحفيي وكتاب وشعراء ومديري ومشاهير وفاعلي الكلمة والسلطات ومقدمي البرامج وكل من لهم حرف وساق وصوت وعنق وقدرة على إيصال قضية حصار تعز من مناطق محررة، لا يعيشون آلام، ومتاعب، وحنين المرء الجارف لبلاده، وليسوا بعيدين عن أهلهم وبلادهم ومنازلهم، وحقيقتهم.
لذا قضية الحصار لا تعني أي أحد..
الحصار نعاني منه نحن، أبناء بضعة مديريات، مقبنة وشرعب السلام والرونة، والتعزية، وماوية، وخدير.
وهذه مناطق لا صوت لها في بلد المدينة المحرر، وهم طالما يسافرون ويذهبون ويجيئون وينطلقون المدن ودول العالم، وأمهاتهم معهم، وعائلاتهم، فلا يعنيهم ما نعانيه!
لا ألومهم، كل فرد معركته حول ما ينقصه، ولكن أين نحن؟
أبناء صبر وجبل حبشي ومديريات الحجرية همتهم تعبيد الضباب ومهمتهم مد الصلة عبر الكدحة بين تعز والساحل، وهم بين بحر وبحر.
والمسافة الفاصلة بين الريف والمدينة والقرى والعاصمة والساحل والجبل محررة ومؤمنة، ويهتمون بردم الحفر وبالمستقبل، وتفاصيله.
أما نحن، نحن الذين بلا بلاد، وبلا أمهات، نعيش في مكان والعائلة بمكان آخر، والمسافة بين شمال تعز والمدينة كالمسافة بين حضرموت وعدن، وعورة الطريق، الخوف، سياج الكهنة، الاعتقالات، والتهمة الموجهة من الكهنة، لكل شخص يسافر، ودقات قلب كل فرد وهو قبل نقاط الكهنة، وأثناء التفتيش.
ولذا نحن فقط المتعبون من الحصار.
نحن أبناء الريف، من جهة صوتها ضعيف، لا نملك وزيراً ولا حاكما ونفتقد لحقوقي واحد.
والصحفي الآتي من هناك تتراشقه الجماعات وتكظ حياته التهم، في كل وجهة متهم.
ولم يحدث ولو مرة أن وجدنا أي تضامن لطيف من أبناء تعز في الجزء المحرر أو حول البلاد ونعجز إلى الآن وقد عجزنا عن إيصال حقيقة الحصار، بمعناه الحقيقي.
السجن الحقيقي هو الحصار، الانفصال الحقيقي انفصال تعز عن تعز والمعاناة الأولى بالبلاد هو تفسخ المجتمع، ودمع الأمهات وأن تعجز عن تقبيل فقيدك مرة أخيرة، وألا تستطيع حضور عرس رفيقك أن تدفع مئة ألف ريال للصراف مقابل تحويل مائة ألف ريال وأن تشاهد مجتمعك الأم يتلاشى تحت خرابيط الكهنة، ومناهجهم، ويموت مجتمعك كله.
محاصرون نحن، مقتولون، متعبون، فمن لنا يا لله؟، من لنا يا ناس؟!
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك