تاريخنا متخم بالإقصاء والتخوين ونفي الآخر.
ليس لدينا إرث كافٍ من الانفتاح على من لا يشبه قناعاتنا ولا تتطابق رؤيته مع رؤانا.
أسرفنا في الحوار بالبنادق وصناعة الخصومات، وإنتاج الأعداء الوهميين الذين لولا ذهنيتنا المتحفزة للصدام لكنا معاً وإياهم في خندق واحد وجبهة سياسية واحدة.
لم يشهد الجنوب حواراً حقيقياً وبالنتيجة كل اليمن، إلا كي نمضي بعده صوب تهيئة بيئة أشد شراسة وعنفواناً للاحتراب من أجل الثروة والسلطة والإمساك بزمام القرار.
هذه سانحة وانفراجة في جدار الوعي المغلق، وتجريب للغة لم تُجرب كما ينبغي من قبل، وأعني به الحوار والتشاور الذي يعقد اليوم في عدن، وبمحاولاته الجادة صناعة المقاربات والمواءمات بين مختلف القوى والمكونات، يمكن الوصول إلى فهم مشترك وقراءة موضوعية لتعقيدات اللحظة، وكيفية خلق كتلة سياسية وازنة تشكل رافعة تدفع بقضية الجنوب خارج التجاذبات البينية، تسد خلل الصفوف، تجفف الفجوات واحتمالات الاختراقات واللعب على التباينات، بإضفاء الطابع الصراعي الإلغائي على خلافات من الطبيعي أن تكون حاضرة وصحية ومنضبطة.
جنوب موحد ببرنامج حد معقول من التوافق، وبعيداً عن القسر والإكراه، يدفع قطعاً بقضية الجنوب خطوات إلى الأمام، ويمنحها حيثية التحقق كركن أصيل في ماراثون التفاوض، الذي يبدو أنه يكاد أن يصل إلى مرحلته الأخيرة الحاسمة.
الجنوب ليس أي أحد منفرداً، الجنوب أنت وهو، المؤتلف والمتفق والمختلف وكل أحد.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك