الانتصار الحقيقي في تركيا، ليس لأردوغان، بقدر ما هو لمعارضيه.
الانتصار الفعلي تزايد قوة منافسيه، بينما كادوا يطيحون به ويفوزون عليه.
هذا انتصار أعظم، مجرد تهديدهم لسلطة صاحب الصلاحيات المطلقة، سلطة الرجل الذي ظن في لحظة ما أنه المسيطر الوحيد، ليكتشف خلال الانتخابات الأخيرة أنه أيضًا يرتفع ويقل، تمامًا كالآخرين، وخيال الخسارة صار متوقعًا في لحظة حاسمة.
هذا ليس أمرا هينًا، أن تقضي حياتك كي تقنع الدنيا بأنك السلطان العثماني الجديد، وفي لحظة واحدة تصبح مجرد مرشح قد يفوز وقد يرحل.
هذا درس الديموقراطية المتقدم، درس الشعب حينما يملك السلطة الفعلية والحاسمة، الشعب الذي لا يخاف من التغيير أو التجديد.
أردوغان رجل يستحق الاحترام، ولكنه ليس مطلقًا، وليس أوحدًا، وليس منقذًا، وليس نبيًا مرسلًا، هو مجرد رجل قد يفوز وقد لا يفوز، والمعايير الأهم تكمن في عمق الدولة وقوة المؤسسات ووعي الشعب وسيادة القانون.
هذه فقط، إذا تواجدت بشكل فعلي، أصبح أمامها الرئيس مجرد شخص قد يخسر ثم يرحل، وإذا ذهب لن يتغير أيّ شيء من بعده سوى ما يريده الشعب الديموقراطي، خصوصًا في القضايا الجوهرية، قضايا الدين والتعايش والقانون والديموقراطية والنظام الاجتماعي.
لهذا فالوضع السياسي والسلطوي في تركيا والدول الأوروبية والغربية مختلف تمامًا عن الوضع العربي والأوسطي، إذا رحل الرئيس هناك وتغير الحزب الحاكم، وجاء من بعدهم نظام آخر، ثم حاولوا ممارسة الطغيان على الدولة والشعب، متجاوزين للمسلمات المطلقة، لا يمكن أن يستمروا طويلًا خصوصًا في حضرة الشعب الواعي والمتقدم، الشعب الذي يعي جيدًا كل الأمور المهمة.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك