جلال محمد
جماعات الإسلام السياسي.. سباق محموم نحو إلحاق الضرر بالمجتمع اليمني
إن جميع المجتمعات منذ زمن بعيد تعيش في حالة استقطاب متعددة الأشكال، ويُعدُّ الاستقطاب السياسي أحد أهم وأخطر أنواع الاستقطاب؛ لما يقوم به من تأثيرات سلبية تضر بوعي الفرد وتوجهاته، وتؤثر في استقرار المجتمع وتجانسه. ومع ظهور التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال ساد في الآونة الأخيرة نوع جديد من الاستقطاب السياسي، وأصبح أثره ملحوظًا في وسائل الإعلام بشكل عام، ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، مما أسهم بشكل أو بآخر في تفاقم الصراعات السياسية.
وللاستقطاب السياسي وجوه عدّة، ومن أهم الأوجه المعبرة عنه أنه وجه للتطرف، سواء كان (سياسيًّا دينيًّا ثقافيًّا_ اجتماعيًّا). ويُعد الاستقطاب السياسي المقترن بالدين هو من أخطر الملامح المُجسدة لوجه التطرف؛ فقد تجاوزت حدوده الأغراض النزيهة والعادلة، وتبلورت أغراضه في الترويج للأفكار المتطرفة، وتشكيل كيانات ومنظمات تدعم هذا الفكر، وهو ما جاء ممثلًا لتيارات الإسلام السياسي المتشدد.
وقد أدت منصات التواصل الاجتماعي دورًا حيويًّا في سرعة الترويج لهذه الأفكار، وأصبحت تمثل أداة مهمة للاستقطاب السياسي، وجزءًا من اللعبة السياسية يستخدمها السياسيون وتساعدهم فيما يريدون.
ومن أهم المسهمين في هذا النوع من الاستقطاب التيارات السياسية عامة، وهي تيارات عدة، ولكن من أبرز التيارات التي وجدت لنفسها أرضًا خصبة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي هي تيارات الإسلام السياسى، وخاصة حين برز دورها في إدارة التنافس والاستقطاب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق تسييس الدين، فاتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي ستارًا لتمرير مصالحها وتحقيقها دون النظر إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية والثقافية الخاصة بالمجتمع.
فالاستقطاب السياسي -وبشكل عام ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص- يشكل خطرًا جسيمًا على المجتمع؛ ولعل أبرز ما نشاهده اليوم في بلادنا هو نتيجة للاستقطاب السيئ والذي أدى ومن سنوات عديدة إلى انقسام سياسي، ومن ثَمَّ إلى انشطار مجتمعي، أثر وبشكل واضح لا يمكن إنكاره في العلاقات الاجتماعية المختلفة، وأصبح أفراد المجتمع حاملين لثقافة التحيز والتعصب والتشدد، التى زجت بهم نحو ممارسة العنف في سبيل الدفاع عن مواقفهم واتجاهاتهم المتطرفة، وتحقيق أغراضهم، وما نراه من قبل أتباع الحوثي، ورغم ما يتفوهون به من حجج مضحكة وتفسيرات مزاجية للدين وحتى للأحداث السياسية، خير دليل على الخطر الذي نتج عن الاستقطاب وتسخير وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي إلى آلة شحن وتعبئة فكرية متطرفة.
من خلال المتابعة والرصد أستطيع القول بأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت بمنزلة السلاح الأقوى في انتشار ظاهرة الاستقطاب السياسي السلبي، وتصدُّر جماعة الحوثي، والإخوان المسلمين في اليمن -حزب الإصلاح اليمني- تصدرا معا المشهد الاستقطابي السياسي في المجتمع الافتراضي وكلاهما استخدم (الدين)، وهنا تمكن التطرف والسوء الذي يتحكم في الجماعتين، خصوصا وأن الاستقطاب السياسي المقترن بالدين هو أقوى وأخطر أنواع الاستقطاب السياسي الذي يؤثر سلبًا في تشكيل وعي الفرد وتوازن المجتمع.