تشكل مجلس القيادة الرئاسي في 7 أبريل 2022 بتفويض من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي الذي فوض مجلس القيادة من خلال إعلان دستوري تضمن تسع مواد دستورية حددت مهام المجلس وصلاحياته ومدته.
وتضمنت المواد تشكيل هيئة تشاور ومصالحة ولجنة عسكرية عليا وفريق قانوني وفريق اقتصادي.
كما أن المهمة الأساسية لمجلس القيادة تمثلت في استكمال المرحلة الانتقالية والتعامل الحوثي من خلال الحوار أو القوة التي تجبرهم على العودة للمسار السياسي الذي تعطل بفعل انقلابهم في 21 أيلول 2014.
إذاً نحن أمام مجلس قيادة بدأ يتوه نوعاً ما عن المهام المناطة إليه وتغيرت استراتيجيته تماماً بعد أحداث شبوة والتمرد الذي قاده حزب الإصلاح فيها على قيادة السلطة المحلية.
ولكن بما أنه تم حسم التمرد وعودة الأمور إلى نصابها.. بدأ من هنا العمل بما يخالف مهام المجلس.
وكان قرار تشكيل قوات درع الوطن هو أول قرار أحادي الجانب بشكل مخالف لنصوص مواد الإعلان الدستوري في 7 أبريل والذي بموجبه تم تفويض مجلس القيادة بصلاحيات الرئيس هادي لاستكمال المرحلة الانتقالية.
وكان يفترض مناقشة القرار قبل إخراجه بشكل مفاجئ وبطريقة أحادية تؤكد أن القرار اُتخذ من قبل الأشقاء وليس من قبل رئيس المجلس ولكنه صدر باسمه وكنا حينها تفاءلنا بإنشاء قوات جديدة كـ تفسير منا أنها تأتي في اتجاهات من شأنها الحسم العسكري، رغم أن الإعلان الرئاسي لم ينص على ذلك وحدد صلاحيات رئيس المجلس وحصرها في نقاط جميعها لم تنص على أنه يحق له إنشاء أي قوة.
وأنا هنا لست ضد رئيس المجلس، فأنا أحترمه، ولكني هنا أعني ما أقول من جانب مهم يتطلب عدم مخالفة مواد الإعلان الدستوري الذي بموجبه تشكل مجلس القيادة...
ولكن بما أنه تبع تشكيل قوات درع الوطن خطوات أخرى تمثلت في حوار برعاية عمانية بين الحوثيين والأشقاء في المملكة (العربية السعودية) بعيداً عن مجلس القيادة الذي هو معني بذلك فإنه لا جدوى من إنشاء أي قوة طالما وهناك مسار سياسي قادم.
واعتبر الكثير أن هذه الخطوة تعد أيضاً خطوة منافية لمهام المجلس الموكلة إليه بموجب التفويض الرئاسي كونه المعني هو بالحوار والتفاهم مع الحوثيين وإقرار ما من شأنه العودة للمسار السياسي والجلوس على طاولة تفاوض من خلالها يتم تحديد شكل الدولة والنظام الانتخابي وإقرار الدستور والبت في مرحلة تأسيسية تؤسس لدولة وشكلها ونظامها السياسي...!
توالت الأحداث ليأتي الحوار الجنوبي - الجنوبي فيما سُمي اللقاء التشاوري الأول والذي انتهى بانضمام كل من عضوي مجلس القيادة الرئاسي الشيخ ابو زرعة المحرمي واللواء فرج بن سالمين للمجلس الانتقالي واصبحا نائبين لرئيس المجلس الانتقالي الذي هو ايضاً عضو في مجلس القيادة الرئاسي..
هذه الخطوة أدت لتبني مكون جديد سُمي بمجلس حضرموت الوطني وكان هذا المجلس هو رافعة جديدة للإصلاح ومن معهم من مؤتمريي الجنوب المناوئين للمجلس الانتقالي والذين أربكهم انضمام البحسني للانتقالي وتفاجأوا بهذه الخطوة كما تفاجأوا ايضاً بانضمام الشيخ أبو زرعة.
في المجمل كل ما تم من خطوات كانت جميعها مخالفة لمهام المرحلة الانتقالية وصادرت صلاحية اللجنة العسكرية العليا وهمشت دورها، كما همشت دور هيئة التشاور والمصالحة وأصبح الجميع يعمل بعيدا عن نصوص اعلان نقل السلطة في 7 أبريل، وهو ما يجعل الأخطأ الواردة تستمر مما قد يؤدي إلى التصادم المباشر في حال استمرت القوى التي تشعر أنها انهزمت عسكرياً أمام الانتقالي بأن العودة لممارسة السياسة ستجعلهم ينافسونه من خلال الإعلان عن مكونات جنوبية بنفس صيغة مجلس حضرموت، وإن اختلفت المسميات إلا أنها بنفس الطريقة والأسلوب الهادف لسحب البساط سياسياً من الانتقالي، لمنافسته في تمثيل الجنوب في أي عملية تفاوضية قادمة مما يعني أن الجميع وصل لقناعة باستحالة العمل العسكري والتفرغ للجانب السياسي لكبح جماح الانتقالي الجنوبي.
وهذه قفزة للمجهول، لأن العملية التفاوضية وفق إعلان أبريل مهمة مجلس القيادة الرئاسي، ويمكن مناقشتها في إطاره.
وبما أنه تم وضع إطار خاص بالقضية الجنوبية في مفاوضات الحل النهائي، لماذا يصر البعض على استباق ذلك بمحاولة فرض شكل الدولة بالطريقة التي يريدها؟!
وهنا أعني الجميع لا يحق لأحد فرض خياراته قبل أن تُحسم هذه الأشياء من خلال طاولة مفاوضات واستناداً لشعب فيما يراه ويقرره مع وضع اعتبار للجنوب في استفتاء خاص به ليقرر مصيره بأي شكل يريد في حال لم يتم التوصل لصيغ توافقية من خلال طاولة التفاوض.
نحن أمام تخبط يعاني منه مجلس القيادة رغم أنه بدأ بخطوات مهمة وكان مساره ممتازا وقراراته موفقة، لكنه مؤخراً بدأ يرافقه الفشل وعجز عن تشكيل حكومة جديدة يصاحب تشكيلها دعم مالي واقتصادي من قبل الأشقاء والأصدقاء.
وفي حال استمر بهذا المنوال بدون تشكيل حكومة وفرض واقع يجبر الحوثيين على رفع خناقهم الاقتصادي على الشرعية، لأن الوضع مرشح لانهيار اقتصادي كبير قد يلقي بظلاله على تفكك المجلس، وهو ما يعني أن البلد سيعيش واقع لا استقرار وحرب دون حسم وبدون مشروعيات تستند إليها..!
وكل هذا يعود في الأساس لغياب الاستراتيجية فيما بين مجلس القيادة والتحالف العربي، وكذلك غياب الرؤية الوطنية المشتركة الموحدة لمجلس القيادة، والتي تحدد الأولويات والمهام وتضع خط سير واضحاً دون مواربة لهذا المجلس ستجعل من يخالف هذا الخط المتفق عليه أن يعيد حساباته في حال انحرف ويكون معنياً بالنتيجة ومسؤولاً عنها أمام الجميع ومخالفاً لمواد إعلان نقل السلطة وستجعله معزولا تماماً ولا سبيل أمام الوضع الماثل إلا العودة للمسار الذي انتهجه مجلس القيادة بعد تشكيله والبدء بتشكيل حكومة إنقاذ وعزل محافظي المحافظات التي تحت سلطة الحوثي وتوقيف موازناتها والاكتفاء بتعيين محافظين تحدد لهم مهام رواتب واعتماد شخصي دون موازنات تشغيلية، فهذه واحدة من الكوارث التي هدت الاقتصاد، أن تعطي لمحافظة تقع سلطة الحوثى موازنة وكأن مكاتبها متواجدة، أي كأنها محررة!!
أما استمرار مجلس القيادة بهذا الشكل فإنه سيقوده لنفس المسار والمكان للذي من قبلهم ومنحهم التفويض..!!
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك