خالد سلمان
أزمة اليمن والتسوية المرتقبة.. منتصر واحد وضحايا كُثر
بعيداً عن بروتوكولية التغطية الإعلامية بطابعها التقليدي لزيارة ولي عهد السعودية لسلطنة عمان يوم الاثنين، فإن الزيارة في توقيتها تحمل الكثير من الاستثنائية ولا سيما بشأن الحل في اليمن.
الزيارة سبقتها عدة مؤشرات تعزز مثل هكذا استنتاج، منها زيارة الوفد الأمريكي برئاسة مبعوث بايدن ليندر كينج للرياض، وزيارة المبعوث الأممي للمملكة، وأخيراً اتصال وزير الدفاع السعودي المسؤول عن (ملف) اليمن الأمير خالد بن سلمان -الرجل الثاني-، برئيس مجلس القيادة ووضعه في صورة جديد التطورات بشأن مسار التسوية من باب العلم بالشيء، وانعقاد مجلس الأمن في جلسة استماع خاصة باليمن.
هناك صفقة مضامينها لم تتضح بعد، وبربط كل الحلقات يمكن الاستنتاج أن تسوية ما مفصلية تم التوافق عليها تدفع الأمور من حال المراوحة القلقة إلى ديناميكية غير مسبوقة، تحلحل القضايا العالقة، وتجيب عن سؤال الخطوة التالية، وهي إجابة لا تبعث على التفاؤل لجهة الحل المتوازن، باستبداله بإجراء صفقات ثنائية مغطاة إقليمياً وأمريكياً مع الحوثي، تمنحه كل التنازلات تحت بند مضلل اسمه القضايا الإنسانية، وهي رشى سياسية اقتصادية بامتياز مقابل الالتحاق بمسار الحل السياسي التفاوضي.
هذه التسوية التي تعد فصولها خلف الأبواب السميكة المغلقة تختزل اللاعبين المحليين، بل وتلغيهم كلياً، وتحيل التفاوض لطرفين أصيلين وفق تفاهمات بكين ببنودها السرية مع إيران، هما الحوثي كسلطة أمر واقع، والسعودية كطرف مزدوج شريك في الحرب ووسيط للحل في آن معاً، في ما تحتفظ بالطرف اليمني الشرعي للحظات الأخيرة، كضرورة شكلية للتوقيع على صفقة التسوية بصيغتها النهائية، في احتفالية أممية يتم من خلالها تسويق أكذوبة الحل اليمني - اليمني، لصراع كل ما فيه لا صلة له باليمن اسباباً ونتائج، حيث الأطراف أدوات لسياسة تُرسم في عواصم القرار وتصب نتائجها لصالح إعادة اقتسام نفوذ ورسم خرائط جديدة لليمن، دون استثناء مصالح روسيا والصين.
جراء جديد هذه التفاهمات والمقاربات، ستذهب ضحية شعارات سنوات تسع بعناوينها: مقاومة الانقلاب، وإسقاط الحوثي واستعادة صنعاء ووقف المد الإيراني، وسيكون على رأس ضحايا التسوية القضية الجنوبية بإلغاء طابعها السياسي، وإدراجها حد التذويب ضمن حزمة معالجات، تتشابه مع قضايا وتفاصيل صغيرة تغطي كل اليمن، ولا تأخذ صفة التميز أثناء المفاوضات، بصياغة إطار خاص لها ووفد مناصف باسمها في معية الحكومة، هذا في حال افتراض إشراكها في التفاوض وهو على الأقل من خلال المعطيات الراهنة ما لن يحدث.
لزيارة بن سلمان ولقدوم الوفد الحوثي إلى الرياض بدعوة رسمية، وللتوافقات المتعددة الأطراف لكل هذا ما بعده:
تسوية بمنتصر واحد وضحايا كُثر، ما لم يتم قلب الطاولة في وجه الجميع:
جنوباً بإكمال السيطرة على ما تبقى من جغرافيا وهي ذات صلة بمعقل المصالح الدولية حيث منطقة الثروات، وشمالاً بتصعيد مقاومة الحوثي ورسم خارطة تحالفات جديدة ما فوق مناطقية، بتطمينات مسبقة بشأن حق تقرير مصير الجنوب، تحالفات تخلق قوة دفعها الداخلي وتفرض معطيات وقوى سياسية جديدة على الأرض.
* من صفحة الكاتب على إكس