هناك حروب ظل ومعارك تُدار في المنطقة الرمادية بين إسرائيل وإيران، الأولى تقصف الحرس الثوري في سوريا، والثانية ترد باستهداف السفن الإسرائيلية، عبر تسريب مخابراتها المعلومات لذراعها في اليمن.
بمعنى:
الحوثي يعمل أجيراً لدى الإيراني، ولا علاقة لغزة بقرصنة السفن.
في كل هذه الحماقات الحوثية لا مصلحة يمنية ولا فلسطينية، فقط في حروب الوكالة فتش عن مصلحة إيران.
هناك طرف واحد سيدفع الثمن:
بلاد مختطفة، منهكة لم تعد بلاداً.
* * *
تقصف الأسطول الخامس، تستولي على شاحنة نفط في خليج عدن، تقرصن سفينة تجارية، تدغدغ جماعة الحوثي مشاعر جنود الجيش الوطني بنصرة غزة، تهدد المناطق المحررة وتحشد على أطراف الجنوب.
خيوط مترابطة ترسم مشهدية صورة الوضع القاتم الذي يخيم على اليمن، يطيح بفرص التسوية ويجبر كل المنخرطين في ملف الصراع من إقليميين ودوليين، إلى رسم مقاربة مختلفة أساسها الحرب أو العودة إلى لغة التفاوض تحت ضرب النار.
أمريكا لوحت لاحتمالية ضرب الحوثي، والقوات الجنوبية رفعت جهوزيتها القتالية استعداداً لمرحلة لا تشبه سابقتها، برهاناتها السلامية والسير خلف سراب التسوية.
صحيح الحوثي يقامر بما تبقى من سلام داخلي هش، بالقرصنة والقصف العشوائي وتهديد باب المندب، ولكنه في الوقت ذاته يعيد توصيف نفسه ثانية كجماعة إرهابية، تتخطى مخاطرها حدود الإقليم إلى ضرب عصب الاقتصاد والأمن الدوليين.
وفي حال تقديم نفسها كخطر جماعي كما هو الحال الآن، فإن الطبيعي أن يتم التوجه لاجتثاث هذا الخطر بفعل جماعي.
سيمضي الحوثي في سياسة سرقة التعاطف الداخلي عبر الاتكاء على نصرة فلسطين، ومحاولته استثمار هذا الفعل باختراق القوات الشرعية العسكرية عاطفياً، كمقدمات لتحقيق هدف لم يخفه الحوثي بل أعلنه صراحة أو بالأصح وقاحةً، بأنه سيزحف نحو المناطق التي لم تسقط في يده بعد، ويفرض معادلة جديدة في إدارة الصراع، يكون وحده هو المشكلة وهو الحل، المشكلة بإقلاقه للمصالح الدولية، والحل كمقايضة بتسليمه حكم كل اليمن.
ومع ذلك كل المعطيات والتململ الدولي، يدفع الحوثي بعيداً وخارج إطار صورة أي ترتيبات قادمة تخص اليمن.
من ما زال يراهن أن الحوثي جماعة سياسية يمكن معها تحييد سلاحه وإدماجه في الداخل والمنطقة عليه أن يعيد النظر.
فالحوثي مخلب المصالح الإيرانية، وسلاحه يتم تذخيره في طهران، وسيبقى يحارب دفاعاً وتحقيقاً لأهداف لا صلة لها باليمن.
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في إكس