لا مجال لإعطاء الحوثي المزيد من الفرص، والوقت المفتوح، كي يعيد قراءة تبعات مواقفه في منطقة المصالح الدولية البحرية، إذ أُتخِذ قرار مواجهته بأدوات ما فوق السياسية، وبتغيير كلي في إدارة الصراع في البحر الأحمر، والانتقال به من إسقاط الصواريخ المهاجمة إلى قصف مرابض هذه الصواريخ ومنصات إطلاقها.
لا يعطل تحفظات دول مثل إسبانيا وإيطاليا القرار المتخذ، فواشنطن بحاجة لهذا الحشد الدولي، لإضفاء طابع أكبر من الثنائي مع الحوثي ومن خلفه إيران، في حين أنها تمتلك منفردة من قوة النيران ما يمكنها من إنجاز المهمة دون عناء يُذكر.
تسلسل ما قبل فتح حمم النار، يشير أن الخيارات أمام الحوثي تضيق بل تنحسر كلياً، حيث لا يبقى غير خيار واحد: وقف استهدافاته الصاروخية لمضيق باب المندب، طريق وحيد لتلافي ساعة الصفر، وحماية جسمه العسكري من الإضعاف حد التفتيت، اجتماع مجلس الأمن أمس يوفر الغطاء الأخلاقي القانوني لمثل هكذا ضربة، ويقدم واشنطن بالدولة التي استنفدت كل الوسائل السلمية.
إذا كان هناك من نقاش داخلي سري بين المؤسستين العسكريتين السياسيتين الأمريكية البريطانية، فهو يتلخص في عدد الأهداف وحدود العمل العسكري هل هو تأديبي، هل مجرد جراحة موضعية، وموقع هذه الجراحة هل في الأطراف والأجزاء الثانوية أي أهداف غير مركزية، أم هي جراحة في القلب حيث الحديدة، وفي الدماغ حيث القيادات العسكرية المخططة والنوعية، أم في كل هذه الأجزاء مجتمعة.
واشنطن لا تريد أن تقوم بعمل عسكري غير متفق عليه مع الرياض، لترابطية نجحت إيران بفرضها على مسارات الصراع في اليمن، حيث حقول نفط الجوار عصب المصالح الأمريكية، مناطق مختطفة أمنياً من قبل إيران الحوثي، وكل فعل عسكري سيجد تردداته التدميرية في حزام الداخل السعودي المنتج للثروة، وعليه فإن حجم العملية وحدودها، لا تقطع مع جهود السعودية التسووية، لا تجهض خارطة الطريق لا تُفشِل موعد توقيع مكة، ولا تدفع بالمواجهة إلى حافة الصدام الشامل، والعود بالوضع إلى مربع الحرب.
ليس السؤال هل الحوثي تحت طائلة القصف، بل حدود هذا القصف المتوافق عليه مع الرياض، وما إذا كان مميتاً، أم مجرد عملية موضعية لا تُحدِث انعطافة حادة، في ترتيب ميزان قوى أطراف الصراع، لصالح خصوم الحوثي.
* من صفحة الكاتب على إكس