أكثر المواقف اضطراباً الموقف السعودي، فهو بين أشد المطارق ثقلاً وبين أكثر من سندان، فيما يتصل بمواجهات البحر الأحمر.
السعودية تمشي على خيط رفيع وهي تدير سياساتها بين الأطراف المتحاربة، خيط يمكن في لحظة ما ودون سابق تبرير، تجد الرياض أراضيها نهباً لصواريخ الحوثي بذرائع جاهزة للاستخدام لعل أبرزها:
منع السعودية للصواريخ المتجهة إلى إيلات المرور فوق أجوائها، دعم السعودية مادياً للعدوان الأمريكي على سلطة صنعاء، حسب توصيف الحوثي للتسمية، توفير الأراضي السعودية كمظلات استهداف أمريكي لمنصات صنعاء الصاروخية، استقدام السعودية للقوات الأجنبية على حدودها المشتركة مع اليمن.
هذا سلة تبريرات جاهزة للتفعيل حال قرر الحوثي، بناءً على توجيهات طهران، جر الرياض للمواجهة.
صانع السياسة السعودية يمضي في حقل ألغام حقيقية، محاولاً عدم الارتطام بأحدها، هو ما زال متمسكاً بخارطة الطريق، واعتبار الحوثي طرفاً سياسياً شريكاً في عمليات التفاوض، وهي السعودية لم تبارك الضربات الأمريكية البريطانية ضد الحوثي، وهي لم تبدِ موقفاً صارماً واضح المعالم، من قرار تصنيف واشنطن الحوثي منظمة إرهابية عالمية، بل ضغطت لجعل القرار أكثر مرونة وأقل صرامة، وعلى وقع المخاوف السعودية رهنت الخارجية الأمريكية تنفيذ القرار بفترة سماح لمدة شهر، على أمل أن يتم خلالها حلحلة ملف حرب غزة، ومعه تسقط مبررات استهداف الحوثي للبحر الأحمر، وهي من أقنعت صانع القرار الأمريكي، بجعل إخراج الحوثي من خانة الإرهاب ممكناً حال وقف استهدافه للسفن.
المأزق السعودي يجعل وضعها متأرجحاً كبندول الساعة، بين كل المواقف المتصارعة، والاحتمالات القابلة للانزلاق نحو تعطيل انسحابها من اليمن والعودة ثانية للغوص عسكرياً في رماله المتحركة، ولذا تعمل على إبقاء أبواب الحل السياسي مشرعة، لتجنب الضغط على صاعق الحرب مرة ثانية.
يمكن اختصار الموقف السعودي وسط كل هذه التداعيات، بكلمة واحدة مزدوجة المعنى:
“لعم” أي في ذات الوقت لاءات عدة وأكثر من نعم، وإن كانت لا لتوسيع الحرب حاضرة أمام الأشهاد، ونعم لإضعاف الحوثي، غير معلنة.
* من صفحة الكاتب على إكس