محمد عبدالرحمن
"ايزنهاور" قبالة الحديدة.. تقصفهم ولا يقصفونها
قبل أيام شوهد مراسل قناة الجزيرة على متن حاملة الطائرات الأمريكية إيزنهاور، التي تعسكر في البحر الأحمر قبالة السواحل اليمنية، يغطي خبر أبرز المهام التي تقوم بها هذه القوة الأمريكية، موضحاً بالصوت والصورة انطلاق سرب من الطائرات لقصف مواقع للحوثيين داخل اليمن، وفي المقابل كان المراسل الآخر للقناة نفسها يتحدث من شواطئ الحديدة عن أماكن القصف وعدد الغارات وحجم قوة التدمير.
أمام هذا المشهد قد تكون هناك أبعاد أخرى له، لكن هنا سنتطرق إلى بعض النقاط التي ربما تغيب عن البعض ولم يدركها في زحمة الأحداث والتزييف الإعلامي وخاصة ما تمارسه الأداة الإعلامية للميليشيات الحوثية، ومن هذه النقاط تساؤل عن أسباب عدم تجرؤ الحوثي على قصف حاملة الطائرات الأمريكية "إيزنهاور" والمرابطة قبالة سواحل الحديدة أو على الأقل إحدى القطع البحرية العسكرية المرافقة لها؟
إن المحاولات الحوثية تصوير هجماتها في البحر الأحمر أنها تستهدف كل السفن الأمريكية والبريطانية بما فيها العسكرية، هو أمر طبيعي في إطار ضرب الوعي الشعبي وتحويله إلى مصب للدعايات الحوثية المدفوعة باليافطة الأخلاقية في مساندة غزة، ولأن الآلة الإعلامية الحوثية أكثر نشاطاً في مناطق الشمال فإن أي تصريح عن صد ومنع كل السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية بما فيها العسكرية، سيكون ذا مصداقية تختبر استمراريتها من تكرار الحدث.
قبل الحوثي كانت إيران تدرك أن الهجوم على حاملة طائرات أمريكية في مضيق هرمز هو خط أحمر، وسيكون في حال تجاوزه تداعيات خطيرة تؤدي إلى حرب شاملة في حال كان هناك هجمات محدودة وعند مستويات محددة، كما هو الحاصل في التعامل مع الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية، ولذلك إيران نفسها لم تتجرأ يوماً أن تقصف أو تحاول قصف هدف أمريكي كهذا، ومن هذا المنطلق يأتي التخوف الحوثي من عواقب استهداف حاملة الطائرات الأمريكية ايزنهاور التي هي أمام ناظريه، لكنه يدّعي العمى أمامها.
الحوثي يعرف أن الطائرات الأمريكية تنطلق من على متن ايزنهاور لتقصف مواقعه، لذلك هي تستمر في عملية قصف مواقعه، فيحاول الرد على تلك الهجمات بقصف السفن التجارية، وليس جميعها يستطيع الوصول إليها بصواريخه ومسيراته، ولكنه يعطي هذا الإجراء تضخيماً إعلامياً يغطي على النتائج الصفرية لأهدافه من هذه الهجمات والتي منها الادعاء بقصف بوارج عسكرية أمريكية.
لا يستطيع الحوثي التحرك عسكرياً بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية لقصف القطع الحربية الأمريكية وأهمها حاملة الطائرات، هو يدرك عواقب ما يقدم عليه، ويعرف مستويات التصعيد والخطوط الحمراء غير المسموح له بتجاوزها، وبذلك يكون أمام واقع أراد تزييف أحداثه بأن حربه مع أمريكا هدف كبير يسعى له منذ زمن ليحقق النصر عليها، فكيف ينتصر وهو خائف من عواقب قصف بوارجها؟
الحقيقة في انتصارات الحوثي على أمريكا ليست في خطاباته أو تصريحاته، بل هي هناك مرابطة في البحر الأحمر مستمرة بإرسال الطائرات لقصف مواقعه وهو يشاهد بصمت ويدّعي أنه أعمى لا يرى إيزنهاور، فقط يستطيع رؤية السفن التجارية والمدنية.. لأنه قرصان تحركه الأجندة الإيرانية.