في ظني ليس للسعودية في اليمن "مصلحة" بالمعنى الإيجابي لهذه الكلمة، أي ليس لها منافع ومغانم تسعى لتحصيلها وإنما مخاطر ومفاسد تعمل على ردّها والتحرّز منها، وهذه هي "المصلحة" بالمعنى السلبي.
والمصلحة من هذا النوع تتحقق بمقدار ما يمكن دفعه من المخاطر والمفاسد، لا بمقدار ما يمكن تحصيله من المنافع والمغانم.
والدول تسلك في رد المفاسد ودفع المخاطر أكثر من طريق، وتجرِّب أكثر من مذهب في السياسة والتدبير والتحوط، الحَسَن منها والرديء، الهزيل منها والمتين.
وبما أن السعودية بالنفط أصبحت قوة اقتصادية ومالية عظمى، فقد اعتمدت -منذ انتهاء حروب التأسيس- كثيراً على العمل الدبلوماسي والقدرة المالية في بناء التحالفات الدولية وتوفير متطلبات الأمن والنفوذ، وفي جلب المنافع ودفع المخاطر، الحقيقي من المخاطر أو المُحتمَل أو الموهوم.
فإذا اتفقنا على أن هذه هي مصلحة السعودية في اليمن، وأن هذا هو لُبّ رهانها، نستطيع بعدها قياس وتقييم سياستها وخطتها تجاه اليمن وفي اليمن ماضياً وحاضراً، وخصوصاً خلال العشر سنوات الماضية، ونستطيع من ثَمّ تحديد ما إن كانت قد خسرت أو كسبت، أخفقت أو أفلحتْ.
ورأيي أن نتائج الخطة السعودية في اليمن حتى هذه اللحظة متأرجحة لا ربح فيها مؤكد ولا خسارة مؤكدة، مفتوحة على احتمالات خطرة ومتباينة كل التباين.
مع الانتباه إلى أن الخسارة والكسب في أمور السياسة من القضايا المتغيرة المتحولة في الكم والكيف، والحكم على الأعمال والسياسات يتغير تبعاً لنتائجها؛ فما يلوح اليوم كخسارة قد يتبين في الغد أنه مكسب، والعكس صحيح، فما يلوح اليوم كمكسب قد يتضح في الغد أنه خسارة.
أعرف أن ما قلته أعلاه رأي مُجمل مشوب بالنقص في مسألة كبيرة لها أصول وفصول وأبواب وتفريعات، ولكن الغاية قد تُدرَك أحياناً بالقول المجمل، وتفوت بالتفصيل والتجزيء.