عصام السفياني

عصام السفياني

تابعنى على

الحوثي على حق

منذ 3 ساعات و 33 دقيقة

وسعَ الحوثي مساحة خوفه من محيطه المجتمعي إلى مستويات غير منطقية تكشف بجلاء حالة الارتباك التي تعيشها دوائره الأمنية. قال زعيمُ المليشيا، عقب قصف إسرائيل لاجتماع حكومته ومقتل وإصابة كل أعضائه، إنه ينتظر أن تستعيد الأجهزة الأمنية ثقتها بدورها.

العاملون في المنظمات الأممية، وأقارب الوزراء الذين تعرّضوا للقصف، وقيادات حوثية، وضباط ورجال أمن وآخرون في الجيش، ونشطاء وصحفيون، وصولًا إلى عمّال في مزارع صعدة... كل هؤلاء يعتبرهم الحوثي خطرًا عليه ومجندين لصالح استخبارات دولية وأمريكية وإسرائيلية وهي اتهامات لا وجود لها إلا في باطن خوفه من رفض الناس المستمر له.

حالة الخوف هذه من الجميع تؤكد أن الحوثي لا يثق في أحد، ويعتبر نفسه مكروهًا وطرفًا غير أصيل في تركيبة المجتمع؛ وأن كل مكونات المجتمع لديها الاستعداد للعمل ضده والتخلص منه متى سنحت الفرصة. هذا ما يؤمن به عبد الملك وعصابته.

الحوثي «على حق» إذا في مخاوفه وشعوره بأنه غير مقبول ولا مرحّب به—لا سلطةً أمراً واقعًا، ولا طرفًا سياسيًا، ولا جماعةً دينية، ولا حتى مجاميع قبلية.

هذا اليقين الذي يتصرف به الحوثي ودوائره القمعية يزيد من عزلة هذه المليشيا، ويجعل المجتمع يتعامل معها كوجود طارئ ومؤقت ومحكوم بالزوال مهما تمددت دائرة القمع والتنكيل.

هذه الحالة من الإدراك الحوثي بأن لا أمان لهم في أوساط الناس—وتعامُلهم مع الجميع ومع كل من يتواجد في المناطق المنكوبة بهم باعتبارهم أعداء وغير موثوقين—يجعل الخيار الوحيد أمام مليشيا عبد الملك أن تعود إلى عزلتها في الكهوف؛ المكان الوحيد الذي توفر له الأمان وتمكنه من العيش بعيدًا عن محيط مجتمعي يولّد له هذا الخوف والقلق.

الحوثي على حق إذا حين يتعامل مع الجميع باعتبارهم لا يقبلونه، لأنه فعلاً غير مقبول وكائن سام في خلية اليمن كلها، وأنه لن يجد قبولًا عند اليمنيين ولو استمطر السحاب لهم خطبًا ومواعظ وكتبًا ومؤلفات تروّج لمسيرة الخراب.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك