تعد أزمة الطائفية إحدى التجليات الواضحة للأزمات الجوهرية للعقل العربي والإسلامي بشكل عام، وأزمة أكبر وأخص عند الجماعات الدينية والسياسية منها بشكل أعمق.
لسنا بدعاً من الأمم.. حدث الخلاف السياسي والصراع بعد موت النبي الأعظم، كماحدث الخلاف والصراع عند الأمم كلها بعد موت أنبيائها.. ولكننا لم نصل بعد إلى ما وصلته هذه الأمم التي راجعت تاريخها وأفكارها، وخرجت عن إلباس صراعاتها الماضية هالة القداسة والمبالغة، فقرأت تاريخها بأساليب علمية ونقدية وتخلصت من أن تكون هذه المراحل التاريخية وتأزماتها أيديولوجيات دينية ولا نقاطا غامضة ومحيرة في تاريخ الأمة.
ونحن كلما حاولنا الخروج عن هذه الدوامات والانطلاق نحو المستقبل، عملت الجماعات الدينية على محاولة إغراقنا بطائفيتها وإرهابها، بنبش مشاكل وصراعات الماضي.
فنحن نقاتل فكرياً كما نقاتل سياسياً، مشكلتنا بدرجة أساسية العقلية الفكرية والتعامل السياسي للجماعات الدينية السياسية.. باستغلالها الدين وقدسيته بالسياسة وأطماعها.. كانت من هنا أو هناك بعيداً عن أي تفضيل أو انحياز طائفي.
كما هي مشكلتنا الأفكار المحنطة والتدين التراثي وتقديس أخطاء التراث وتطرفاته وصراعات التاريخ والتوقف عن سبيل العلم والمعرفة والتحرر العقلي؛ للقيام بإعادة سبر أغوار القضايا الفكرية والصراعات التاريخية وإعادة قراءتها بمنهجية علمية دقيقة.