جلال محمد

جلال محمد

"حوثي" مسبة تعني عدو التعايش والحياة

Saturday 09 February 2019 الساعة 06:29 am

ما أبشع أن تتحول بعض الانتماءات إلى "مسبة" أو إشارة للقصور الفكري والتبعية العمياء التي تجعل من صاحبها مغيباً حتى عن معرفة البؤس والتحقير الذي يراه به عامة الناس، ونحن في اليمن لنا شواهد عدة نراها كل يوم، فعلى سبيل المثال لم يعد لفظ "حوثي" يتوقف فقط على الإشارة إلى المنتسبين لتلك الجماعة الإرهابية العميلة التي يحاربها اليمنيون اليوم، وإنما امتد اللفظ ليصبح "وصمة" وإشارة للتعبير عن حالة التبعية العمياء، والعقول المتبلدة التي تحمل أفكاراً كهنوتية سلالية، ورؤى متحجرة باتت تتسم بها هذه الجماعة المارقة وتابعوها بشكل عام.

فما من حدث أو موقف أو لقاء يكون فيه من تابعي هذه الجماعة، حتى يتحول إلى خطب ساذجة وترديد غبي لمفردات عقيمة، ومزايدات وهرطقات كعادة قائد الجماعة في خطبه وطلاته الإلكترونية.. كل ذلك الغثاء يحمل تساؤلا مفزعا عما إذا كنا في نقاشاتنا وحواراتنا بل وفى محاولات حل أزماتنا المصيرية سنتمكن من التعايش مع هؤلاء القادمين من عصور ظلامية بات التاريخ نفسه ناسياً لها، وكيف يمكن ذلك في هكذا عقليات لا تؤمن بالتعايش بقدر إيمانها بـ "التداعش"؟

ما من مجلس يكون فيه "حوثي" إلا وتسمع خطب التوكل على الله، رغم أنهم بعيدون كل البعد عن ذلك، فالله لا يقبل قاتلاً أو كاذبا، ولا يمكن أن يتقبل سارقا وفاسدا، كما لن يقبل الله بانتهاك الأعراض والحرمات.

جماعة عقائدية تكفيرية لكل من لم يؤمن بأفكارها، عنوانها الشر والموت، استطاعت حشو عقول الكثير بأفكار الموت والعداء مع الآخر، مستخدمةً الدين سلاحا لتصنيف الناس بين "مؤمن" و"منافق" و"عدو لله" أي كافر، وحولتهم لأبواق يخدمون سادتها وتوجهاتهم العميلة ومصالحهم الشخصية السلالية، دون أدنى تفكير منطقي وعقلاني في عواقب ما يقدمون عليه من اغتيال لأبسط مقومات التعايش السلمي معهم أو تقبلهم في المجتمع، حين تكون الدائرة عليهم.

ورغم معرفة الجماعة ومنتسبيها بالكراهية المجتمعية والعدائية التي يكنها كل فرد يمني لهم نتيجة ما اقترفته بحق الوطن والشعب، شماله وجنوبه، شرقه وغربه، إلا أنها وبحكم أنها جماعة مغيبة عن العقل والمنطق والواقع ما زالت مستمرة في نفس الغي، مطلقة العنان لكل سفيه فيها، قافزة على الأعراف والقيم والمبادئ التي تعارف عليها اليمنيون، وهذا برأيي ليس خطأ الجماعة بقدر ما هو خطأ الشعب الرافض لها والساخط عليها إلا أنه رغم رفضه وسخطه لم يتحرك كما هو مناط به لتأديب هذه الجماعة وإعادتها لحجمها الطبيعي، وإعادة الرشد لمن تبعها ممن يمكن إعادة رشده.

الخلاص من اللعنة "الحوثية" ليس عسيراً، بل سهل وميسور إلى حد كبير، ولكن مقومات الخلاص منها لم تتوافر بعد. فجماعة الكهنوت الحوثية موكلة بتنفيذ مخطط خارجي، ومهما طال أمدها هي إلى زوال كغيرها مما سبقها من تنظيمات إرهابية أمثال "داعش والقاعدة". ذلك هو حكم التاريخ. لعنة حلت باليمن والأمة. وما كان لها أن تقع أصلاً لولا التهاون أو التراخي الرسمي والحقد السياسي، والتواطؤ الإقليمي والدولي معها منذ البداية وما زال إلى اليوم، نتيجة تضارب المصالح وعدم تصالحها.

ورغم كل ذلك، يجب علينا أن لا نحقق غايات هذه الجماعة الرامية لتمزيق المجتمع أكثر وتدمير أي قابلية للتعايش المجتمعي مسقبلاً، ولذا من الواجب أن تقود أجهزتنا الإعلامية ومنابرنا الثقافية مبادرة شعبية واسعة النطاق رسالتها بسيطة: «دعونا نتعايش لا أن نتداعش»، فربما تجعل الفرقاء السياسيين والمتشرذمين الحزبيين أكثر إصرارا على تجاوز الزمن والإسراع بإغلاق ملفاتنا الساخنة على حلول مرضية، يعملون بعدها لتوحيد الصف الجمهوري في وجه هذا الكهنوت الحوثي البشع، والعمل على وأد فتن الحوثي المتسلسلة، وإنهاء حالة الاحتراب اليومية، للاتجاه بعد ذلك لبناء وطن يتسع للجميع ويضمن العيش الكريم والأمن والسلام لكل أبنائه.