منذ شهر وثلاثة أيام تواجه قبائل حجور، شمال غرب اليمن، حرباً شعواء وحصاراً مطبقاً من قبل ميليشيات الحوثي - الذراع الإيرانية في اليمن- التي لم تستطع منذ انقلابها أواخر العام 2014 إخضاع هذه المنطقة الاستراتيجية لسيطرتها، رغم أنها استخدمت مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وشراء الولاءات.
وتعتبر قبائل حجور في مديرية كشر بمحافظة حجة، على الدوام، شوكة في حلق الجماعة الحوثية المتطرفة منذ الحرب الأولى في 2004 "بين الدولة اليمنية والحوثيين"، كواحدة من أهم المناطق التي صمدت أمام زحف مليشيات الحوثي، الذين حاولوا اجتياحها أكثر من مرة، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، نتيجة صمود القبائل المتمرسة في القتال، والتي تعد من أشرس قبائل اليمن.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن الحوثيين يوجهون ميليشياتهم وترسانتهم العسكرية نحو مناطق الثقل الحقيقي لقبائل حجور مثل "العبيسة"، إذ تحركت تعزيزاتهم من منطقة "المندلة" لمهاجمة قبائل ريبان، وأخرى عبر "آل الدريني" للهجوم على منطقة "النماشية"، الأمر الذي استدعى تكاتفا قبليا غير مسبوق بعد أن أطلقت قبائل حجور نداء استغاثة قبلية للقبائل اليمنية المجاورة لمساندتها فيما بات يطلق عليه "انتفاضة القبائل"، وعلى الفور لبى عدد من القبائل اليمنية نداء حجور، وأعلنت قبائل جبهان وذو مسلم وذو كديس مساندتها للمقاومة القبلية في مديرية كُشَر، وشكلت جميعها طوقا دفاعيا منيعا للمديرية والمناطق المجاورة.
وتتركز المواجهات بين القبائل والمليشيات الحوثية في منطقة العَبَّيْسة، التي يمر منها الطريق الإسفلتي الرابط بين حرض وحوث وحرف سفيان.
وتطل جبال حجور في كشر عامة على الساحل التهامي من عبس حتى ميدي، ويقع فيها أكبر منجم للذهب من أفلح حتى كشر.
وتعتبر هذه الجبال في حجور هي مفتاح دخول أي جيش قادم من الساحل باتجاه صعدة "المعقل الرئيس للحوثيين" وعمران وحتى العاصمة صنعاء، منذ زمن الأتراك والأئمة والإدريسيين.
مساندة التحالف الخجولة.. وخذلان الشرعية
رغم مرور أكثر من 33 يوما على انتفاضة حجور وصمودها الأسطوري، والنداءات التي وجهها عدد من مشايخ حجة وقبيلة حاشد والأحزاب السياسية المساندة للشرعية اليمنية لدعم حجور وفتح جبهة مستبأ لمساندة جهود أبناء القبيلة التي تعد بارقة أمل للقضاء على التواجد الحوثي في الساحل التهامي ومحافظة حجة عموماً، وبما يفتح الطريق للوصول إلى عمران وصعدة وصنعاء، إلا أن الشرعية وجيش "المقدشي" و"علي محسن" المرابط في مثلث عاهم القريب من منطقة الاشتباكات لم يتحرك إلى الآن، بالإضافة أن التحالف لم يقدم الإسناد الحقيقي المتوقع منه، سوى بعض الإنزالات الخجولة والضربات المحدودة لتعزيزات المليشيا.
ويؤكد ناشطون ومحللون عسكريون، أن التساهل الذي تتعامل به الشرعية تجاه هذه المعركة المفصلية يثير الاستغراب، حيث إن التحالف والشرعية سيخسران خسارة كبيرة في حالة سقوط مديرية كشر كواحدة من أهم مناطق القبائل التي تتميز بوجود مخزون بشري هائل يشكل قوة عسكرية قوية سوف ترجح الكفة لصالح مليشيا الحوثي، ويثبط أي رغبة قبلية في الانتفاضة ضد هذه المليشيات، إن هي سيطرت على قبائل حجور ومديرية كشر عموماً، خصوصاً وأن هذه القبائل تتكون من مجموعات شرسة ومتمرسة على القتال.
كما أن المنطقة تتمتع بموقع استراتيجي وعسكري مهم، وسيضيف نقاط قوة كبيرة للطرف الذي سيسيطر عليه.
حصار مطبق واختطاف لكل حجوري
من جانب آخر تفرض مليشيا الحوثي الإرهابية حصاراً خانقاً على قبائل حجور، وتمنع دخول الغذاء والدواء للمناطق المحاصرة، مما أدى لزيادة المعاناة الإنسانية لكل أبناء وسكان مديرية كشر وما جاورها من المديريات، خصوصا في صفوف المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ.
وتقوم المليشيا بمصادرة أي سيارة تحمل مواد وسلعا غذائية أو طبية متجهة إلى حجور.
وقال قائد مقاومة حجور الشيخ أبو مسلم الزعكري: إن الحوثيين أخذوا حتى عربات الأغذية أكثر من مرة، ويختطفون كل شخص وأياً كان من أبناء حجور.
ويضيف الشيخ الزعكري: اقتحم وداهم الحوثيون منازلنا وبيوتنا في صنعاء وأخذوا الأبناء والأطفال، والمليشيات العدوانية النسائية (الزينبيات) تنفذ مداهمات واقتحامات تروع النساء والأطفال.
قائد مقاومة حجور: سنصمد أمام مغول العصر
تستبسل قبائل حجور في التصدي ومواجهة الهجمات الحوثية المتكالبة والمحاولات المستمرة منذ 33 يوما للتقدم دون جدوى، حيث أكد قائد المقاومة الحجورية الباسلة، الشيخ أبو مسلم الزعكري، الصمود والاستبسال في وجه العدوان البربري الحوثي الغاشم، واصفاً الحوثيين بأنهم "مغول العصر".
مضيفاً، خلال مقابلة مسجلة بثتها قناة اليمن اليوم "مصر" مساء أمس: الحوثيون مغول العصر، يهاجموننا بجميع أنواع الأسلحة التي نهبوها من مخازن ومعسكرات الدولة: الكاتيوشا، والدبابات، والبي إم بي، المدرعات، والبوازيك، والمدافع الساحلية والهاون 120، يهاجموننا من كل منافذنا ويحاصروننا حصاراً مطبقاً.
قائد مقاومة قبائل حجور محافظة حجة أكد أيضاً أن الحجوريين استطاعوا بإمكاناتهم البسيطة والمتواضعة وبفضل وتأييد من الله للمظلومين، مقاومة هذه الهجمة البربرية الغاشمة والتصدي لها بكل استبسال.
ويتابع الزعكري: أحرقت ولاعة حجور عدداً من المدرعات.. ولاعة حجور أقوى من ولاعة الحوثيين، أحرقنا مدرعاتهم ودسنا كبرياءهم لأنهم متغطرسون.
موقع استراتيجي.. وثأر تاريخي
وتقع كُشر، حاضنة حجور الإدارية، في الشمال الشرقي لمحافظة حجة، على مسافة نحو 20 كم من مناطق تمركز قوات الشرعية في مديرية حيران، حيث تمثل حجور منصة استراتيجية تهدد تعزيزات الميليشيات الحوثية في نحو ثلاث مديريات هي: "حرض، حيران، مستبأ"، وهذه أحد الأسباب التي دفعت الميليشيات لمحاولة إخضاع حجور التي منعت تسيير القوافل العسكرية الحوثية عبر مناطقها.
وتعد قبيلة حجور الشام قبيلة شمَّاء تنحاز للجمهورية، وما يحدث لها من تنكيل على يد الإمامة الجديدة ثأر من موقفها الثوري، حيث كانت بوابة 26 سبتمبر في الشمال.