عبدالفتاح الصناعي
إلى التحالف ومعين وسالمين والزبيدي.. هنا عدن النصر أو الهزيمة!
كما أن الأطراف الرئيسية في عدن، الداخلية والخارجية، مسؤولة عن كل ما يحدث، أيضاً فإن التخندق في صف طرف ما، أيا كان هذا الطرف وأيا كانت الدوافع والمبررات، لن ينتج إلا مزايداً من التعقيد والضبابية والتيه.
في حقيقة الأمر، لن نحتاج إلى إنهاء طرف لصالح طرف آخر، ولا اتهام طرف لتبرئة الآخر.
عدن تحتاج جميع هذه الأطراف اليوم، لكي تجر عربة تقدم عدن وحل تأزماتها الأساسية، فلا يمكن لطرف واحد أن يكون قادرا على جر العربة وحيداً.
عدن التي حُرمت كثيرا، وتلقت أصناف المعاناة، وتجرعت مرارة الحروب، ودفعت ثمن الصراعات السياسية المختلفة؛ لا تتحمل اليوم المزيد من هذه الآلام، في إعادة الصراعات والانقسامات.
كل من طبع روحه بحب عدن وسواحلها وأسواقها وهوائها، وخُتم على قلبه بهيامها، والولاء لها؛ لن يرضى لعدن هذا المصير المؤلم، فكيف بأبنائها ومن ضحوا بأرواحهم لأجلها؟!
عدن اليوم أمام فرصة ذهبية بأن يكون بدل الصراع إثراء وتنوعا وتنافسا وسباقا بين الأطراف الداخلية المعنية، من أجل عدن وبنائها، وهنالك التحالف والأشقاء الخليجيون الذين تهمهم المعركة القومية، ولن يتحقق النصر في هذه المعركة القومية، دون جعل عدن أنموذجاً ومثالأ للمناطق المحررة.
قبل أن أخوض بماذا يجب على كل طرف.. سأجيب عن التساؤل الطبيعي الذي يتبادر إلى ذهن القارئ، كيف تم جعل سالمين طرفاً، وكيف تم ذكر معين بدلاً عن الشرعية أو هادي؟!
الدكتور معين عبدالملك رئيس الوزراء الشاب، قد يعد أملاً حقيقياً في هذه الفترة، وظاهرة مختلفة داخل الشرعية، يمكن الرهان عليه شخصياً أكثر من الرهان على الشرعية برمتها أو عن شخص هادي؛ الذي أخفق في أكثر من مرة، وفشل في مختلف الاختبارات، وحول الفرص إلى هزائم كاملة.
اختار الدكتور معين طريقاً مختلفة وأسلوباً هادئا في إدراة الحكومة، ما زالت المخاطر تحيط به، واحتمالات الفشل هي الممكنة أكثر، وذلك بحكم البيئة السياسية وتركيبة الشرعية وطبيعة رئاسة هادي، إلا أن الدكتور معين قد جعل محاولته تبدو واضحة، بالابتعاد عن التوغل في الصراع السياسي كما كان سلفه ابن دغر، وكما تريد بعض القوى الانجرار في هذا المسار.
إن مغادرة نقطة عدم استفزاز الانتقالي كما فعل ابن دغر، إلى إحداث تفاهمات حقيقية معه، وإنتاج شراكه عملية مع الانتقالي برؤية استراتيجية لبناء عدن كما ينبغي، يدعم هذه الرؤية.
إذا أردنا أن لا يخذلنا معين، وينقلب إلى مجرد بائع كلام وتصريحات، فعلينا أن لا نخذله وأن نقف معه، ليحقق رؤية إدارية عملية مؤسسية بين كل الأطراف المعنية، وأن نحارب جميعاً بكل بسالة في هذه المعركة، ونواجه كل التعقيدات والصعاب هنا.
عدن اليوم في "القلب" للشرعية، كما هي القلب والروح للانتقالي، كما هي القلب والروح والجسد للتحالف في معركته القومية، وبالتالي فإن النجاح في عدن هو مقدمة لنجاحات متتالية لكل الأطراف، كما أن الإخفاق فيها هو مسار لإخفاقات لا ولن تنتهي أو تتوقف.
لا تحتاج عدن اليوم لخلط الأوراق والصراعات والاستقطابات ولا حتى الحروب الباردة، والانقسام بين أطراف الصراع، لتكون مهمة كل طرف هي فقط الصراع مع الطرف الآخر.
تحتاج عدن للبناء والتنمية والتقدم في جوانب الخدمات وحل كل اشكالياتها، والسيطرة الأمنية التامة، وتوفير المناخ الملائم للاستثمارات المختلفة.
وفي ظل الإشكالات اليوم في عدن فإننا لن نكون قادرين على السير في هذا المسار؛ إلا إذا فصلنا الإدارة عن السياسة.
ومن هنا كان قصدي في جعل سالمين كطرف، ليس لأنه المحافظ وحسب، وإنما لأن الكيان الإداري لعدن بالمحافظة أو غيرها من المرافق والمؤسسات الحكومية، بشكلها الهرمي القيادي أو الوظيفي والشخصي ينبغي المحافظة عليه دون أي عبث أو جره للصراعات والاستقطابات، بل ينبغي تشجيع حياده المهني، وجعله البداية الأولى للنجاحات.
المحافظ أحمد سالمين، الذي مجرد ذكر اسمه، نكون أمام روح الرئيس الشهيد "سالمين" كروح وطنية عظيمة طاهرة، مُلهمة، أستشهدت في سبيل الرؤية الجريئة والمثالية آنذاك لبناء عدن، فإنه لجدير بابنه المحافظ القدير، أن يتقدم برؤية إدارية شاملة، لبناء وتطوير عدن.
الانتقالي طاقة جنوبية شابة، ستكون أكثر فاعلية وقوة وإبداعاً إن أتاح الجميع الفرص الممكنة للبناء، ووضع الحلول والمسارات العملية، بديلاً عن الصراعات العبثية والشعارات.
يمتلك الزبيدي قدرات قيادية متميزة، وتراكمات نضالية مختلفة من موقع مواكبة مراحل الحراك وتطوراته، والتي من ضمنها، إن كان بموقع السلطة كمحافظ، وبهذا فقد خبر واقع عدن وهمومها واحتياجاتها وأزماتها من مختلف الجهات.
الجميع لديه التجربة والمؤهلات والظروف لأن يكون عاملاً إيجابياً، وليس بصالح أحد الحلول المؤقتة والمعالجات السطحية.
عدن تحتاج نقلة نوعية حقيقية، لينطلق منها الجميع كنجاحات حقيقية شخصية له كشخص في موقع القيادة والمسؤولية، وككيان وسياسات واستراتيجيات ومواقف.
ولن تتحق النقلة النوعية لعدن إلا بشراكة مؤسسية بين كل الأطراف المعنية، تقود التفاهمات المبدئية إلى خلق رؤية إدارية مهنية عالية المستوى لحل الأزمات الخدمية والأمنية، وما ينبغي من البناء والتطوير، يرعى ويدعم التحالف مساراتها العملية، كونها المعبر الحقيقي للنجاح العربي أمام المد الإيراني وأشباهه.