من الواجب الأخلاقي والإنساني على العالم أن يتوقف أمام مشهدين مؤلمين على ساحة الحرب اليمنية التي حولتها إيران عبر ذراعها "جماعة الحوثي" إلى أسوأ مأساة إنسانية عرفها التاريخ.
لابد من التوقف أمام مشهدين فقط من آلاف المشاهد، أحدهما لأطفال يصطفون في مشهد درامي مؤثر، يشاهدون أطلال منازلهم التي فجرها الحوثي في قرية "النامرة بني جبهان" بمديرية كشر محافظة حجة، والثاني لطفل بترت رجله إثر لغم حوثي في إحدى مديريات الساحل الغربي من محافظة الحديدة.
في المشهد الأول، ومثله مئات المشاهد التي يشاهدها الأطفال عن عنف الحوثي ودمويته وإجرامه، في ذلك المشهد المأساوي أعتقد جازماً بأن الأطفال لا ينظرون لمنازلهم المدمرة فقط، بل لوطن يحال إلى أنقاض يوماً بعد آخر كلما تأخر حسم المعركة مع آفة العصر ومغول إيران في اليمن "الحوثيين"، يستذكر كل واحد منهم ذكريات محتها متفجرات الحوثي، وهدوءاً بددته تلك الرصاصات الغادرة التي أطلقتها الجماعة الفاشية وهي تلاحق كل من يتمسك بكرامته وعزة نفسه ويرفض أن يكون الإذلال هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة التي يرسمها الحوثي ومن خلفه مجتمع دولي متآمر.
يتهامس الأطفال فيما بينهم، أصبحنا بلا مأوى، بدون عائل، لكننا نتوارث جينات الكرامة والعزة التي لا يعرف طريقها هادي وحكومته وجميع الأحزاب.
يسأل أحدهم والحوثي ما موقعه من الكرامة التي يتشدق بها؟ يضحك أصغر طفل فيهم ويقول "فاقد الشيء لا يعرفه ولا يعطيه"، والحوثي فاقد للكرامة والرجولة فكل ما يقوم به مثال واضح على انعدام كل الصفات الأخلاقية الحسنة لديه، فهو عميل موكل له تنفيذ مهمة القتل والتمزيق لليمن أرضاً وإنساناً.
أما المشهد الثاني، وهو مشهد متكرر في المناطق التي لفظت ميليشيا الحوثي وتطهرت منه، إلا أن جرائمه المزروعة في الأرض تلاحق كل عنوان للحياة، ينظر الطفل لرجليه التي تخلت عنه إحداهما جراء ذلك اللغم اللعين الذي زرعه ألعن البشر، يتأبط عكازه ويحاول الخروج للحياة بدلاً أن يظل حبيس الإعاقة المتعمدة التي سببها له الحوثي، ينظر إلى أقرانه يلعبون، يمرحون، تتسابق أقدامهم وهو يضع يده على قلبه خوفاً أن تنضم إحدى تلك الأقدام لرجله المفقوده!
في ظل سيطرة جماعة الحوثي على ما تبقى من اليمن، يصعب القول أي من الجريمتين هي الأفظع، فتنظيم "الحوثي الإرهابي" يدرب جيلاً من أطفال اليمن ليغدو متوحشاً، فيما ترسل تكتيكات هادي وتخاذله ومن معه آلاف الأطفال إلى القبور باكراً.
غير مُدركين أن تأخر حسم المعركة ضد "مغول العصر الحوثيين" في المناطق التي تخضع لسيطرتهم، والفقر والعوز الذي يجتاح كل منزل في تلك المناطق، يجبر عدداً من الأطفال على الانضمام إلى صفوف الجماعة الحوثية، ويزيد الحال سوءاً.
وكلما لاحت في الأفق بادرة أمل للخلاص، يواجهها المجتمع والدولة بل والمجتمع الإقليمي والدولي بالخذلان، غير آبهين بأولئك الأبطال الحقيقيين الذين يضحون بحياتهم من أجل مساعدة مجتمعاتهم واستعادة الكرامة التي يدنسها الحوثي كل دقيقة.
هل يُدرك هادي وشلته، والتحالف العربي والمجتمع الدولي، أنه طالما يتم التغاضي عن معاناة وتضحيات الشعب على الأرض، لا يمكن للعالم أن يتوقع وجود شركاء حقيقيين في الصراع.
وليست وحشية الحوثي أقل بربريةً من «داعش»، بل على العكس فإنها تساعد في تكريسها.
معاناة
لقد فقد آلاف الأطفال اليمنيين كل ملامح الطفولة في غياهب الصراع المروع.. كما قتل الآلاف منهم.
وتكفي زيارة لأحد مخيمات النازحين أو الاطلاع على مقاطع الفيديو على يوتيوب لرؤية الأطفال الذين قُطعت أطرافهم بفعل الألغام والقصف العشوائيين اللذين تقوم بهما ميليشيا الحوثي.