جريمة نكراء وغدر مقيت ما حصل من قتلٍ للمصلين في مسجدي نيوزلندا.. إرهاب لا يفرق بين البشر مهما اختلفت أديانهم أوثقافتهم.
من وجهة نظري، وهذا طبعا مما نستنتجه من الواقع المعيش، ليس صعباً أن تقنع إنساناً بالقتل، يكفي أن تُحرِّض غرائز الغضب والحقد والخوف والقلق والجنس لتحصل على آلة دمارٍ أوعلى انتحاري عدمي، وقاتل مأجور.
وهذا ما تفعله المذاهب الدينية والأحزاب والجماعات الأصولية واليمينية المتطرفة.
على مر العصور ومختلف التجارب الفكرية السياسية التي أنتجتها الحضارة البشرية، كان التطرف والغلو موجودا وتتم ممارسته بأساليب عدة عبر جماعات مارقة، أو أجهزة الدول، فمثلا اليسار الشيوعي كان له عَلَمٌ دامٍ عند زعمه احتكار الحقيقة.
(قمة المأساة الإنسانية) تكمن في أنّ من قام بذلك يشعر ب"الشجاعة والشرف"! ويرى أن ما أقدم عليه حق أصيل وبطولة واجبة تجاه قوميته أو عرقه أو دينه ومذهبه.
وهو شعور لا يختلف من متطرف لآخر، دون النظر للدين والجغرافيا.
إن حالة الشعور بالشجاعة والشرف التي انتابت الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم على المسجدين، هو نفس شعور بن لادن عندما أمر بتفجير الطائرات، وهو ما يشعر به الدواعش والحواشد وكافة المليشيات الأصولية والراديكالية عندما يقتلون الأطفال.
ونفس شعور الكنيسة عندما قامت بحروبها الصليبية وأنشأت محاكم التفتيش، وعندما حرّضت على إبادة السكان الأصليين في الأمريكيتين.
وهو ما شعرت به الولايات المتحدة عندما ألقت قنابلها الذرية على المدن في اليابان.. وما شعر به هتلر عندما أباد ملايين اليهود في أفران الغاز، وما شعر به ستالين عندما أرسل ملايين القوقازيين إلى سيبيريا ليموتوا جوعاً وبرداً، وعندما قتل ماو مليوني صيني، وعندما يُلقي الطيار الإسرائيلي بقنابله الفسفورية على مخيمات غزة.
كل هؤلاء شعروا ب"الشجاعة والفخر والشرف"! لكلٍ منهم إله، لكن مِلّتهم واحدة، والعنف واحد، والإجرام واحد، والنتائج الكارثية والمأساوية واحدة، والهدف هو الوصول لمزيد من التنافر والكراهية والدافعية نحو الفعل والفعل المضاد والانتقام اللامنتهي بين شعوب الأرض بمختلف أديانهم ومذاهبهم وثقافاتهم.
وعندما يغض العالم طرفه عن دول ترعى وتدعم الفكر المتطرف والعدائية للشعوب، وعندما يغفل العالم بكل عقلائه ومؤسساته عن ما تقوم به بعض الدول مثل إيران من دعم وتبنٍ للحركات والمليشيات التي تزرع ثقافة الموت والكراهية وعداء الحياة كما هو حاصل عندنا في اليمن من خلال ما تقوم به جماعة الحوثي الإرهابية من نشر لثقافة الكراهية والعداء والفرقة وزرعها لثقافة الموت والقتل ليس للمعادي لها بل وحتى للمختلف معها مجرد اختلاف، ولكل من لا يؤمن بنهجها وتوجهها ولم يسلم بقيادات الحركة الفاشية في اليمن.
ولعل ما جرى ويجري من تطرف عالمي وإرهاب مستشرٍ نتيجة طبيعية عندما يصبح الحقدُ ديناً.. وعندما يُقدِّس الناسُ جهلَهم.