مروان الجوبعي

مروان الجوبعي

تابعنى على

كرة القدم واختلاف وجهات النظر

Tuesday 19 March 2019 الساعة 07:22 am

سألتُ "متى المباراة؟".
أجاب صديقي الذي كان يقف على يميني: "المباراة الساعة الخامسة وربع". 
أما صديقي الآخر الذي كان يقف على يساري أجاب: "المباراة الساعة السابعة إلا ربع"
كل واحد منهما كان واثقاً من إجابتهِ ومتمسكاً بها، وهذا ما جعلني محتاراً أيهما الإجابة الصحيحة التي آخذها بعين الاعتبار استعداداً للمباراة!

بينما كنتُ أفكر بإجابتي الصديقين الأولين، اللتين كان لكل واحدة منهما توقيت مختلف عن الآخر.. لحظتها، لفت انتباهي صديق آخر كان يشاركنا نفس المكان وينظر إليهما ساخراً دون أن يقول شيئاً.. كان صمته مستفزا، يوحي لك أنه يملك الإجابة الصحيحة وينظر إلى أن الآخرين أغبياء يهرفون بما لا يعرفون.

حينها توجهت بسؤالي إلى صديقنا الثالث الواثق من نفسه لعله يرجِّح إحدى الإجابتين السابقتين.. أو لعله يعطينا إجابة ثالثة أكثر دقة من إجابتي الصديقين المذكورتين أعلاه.

صديقنا الثالث رد على سؤالي بكل ثقة قائلاً: "المباراة الساعة الحادية عشرة إلا ربع".
وهكذا زادني حيرة فوق حيرتي!
أصبح سؤالي أمام ثلاث إجابات متناقضة..
كل إجابة منها تحمل توقيتا مختلفا، ومعلومة مختلفة عن الأخرى تماما.
وأصبحت أنا عالقا بين ثلاث وجهات نظر، وثلاثة أشخاص كل واحد منهم يؤكد أن إجابته هي الصحيحة وأن الآخرين على خطأ!

طبعا ليست المعضلة في معرفة التوقيت الحقيقي للمباراة.
معرفة توقيت المباراة الحقيقي أمر سهل جدا، وهذا ما عرفته فيما بعد.
إذ لم يكلفني الأمر سوى بضع ثوانٍ عن طريق جوجل الذي أوفى بالغرض، وأزال اللبس، وقطع دابر جدل كان على وشك أن يحدث لولاه.

هناك ما هو أهم من تفاصيل وتوقيت المباراة التي كانت أساس الحوار الدائر بيننا.
الأهم من ذلك أنني بهذا الحوار وجدت للسؤال الواحد إجابات متعددة، ووجدت أيضا أن كل صاحب إجابة يرى نفسه وحده من يملك الحقيقة دون أن يضع احتمالاً ولو بنسبة 1% أن تكون إجابة الآخرين هي الصحيحة بينما إجابته على خطأ.

لم انتبه أنا إلى أن السؤال كان مبهما من أساسه!
لم أنتبه لهذا الخطأ لأنني كنت انظر من زاويتي وأعتقد أن الجميع مهتم بمباراة فريقي المفضل ولمجرد أن أسأل متى المباراة ستأتي الإجابة الصحيحة التي ابحث عنها.. لم أكن أدرك أن هناك مباريات أخرى ستقام بنفس اليوم، وان هناك من يوجه كل اهتمامه باتجاه الدوري المفضل لديه وحين يُسأل سيجيب على حسب فهمه واهتماماته.

لم ينتبه أصدقائي الآخرون أيضاً إلى أن سؤالي كان مبهماً وغير دقيق، ولم يكلف أحدهم نفسه بفهم السؤال فهماً صحيحاً ثم بعد ذلك يطرح الإجابة الصحيحة أو يعتذر إن لم تكن لديه إجابة.. لم ينتبه أحد منهم للسؤال لأن كل واحد منهم كان يعتقد أن الكل يحمل نفس اهتماماته، ويترقب نفس الحدث الذي يترقبه هو!

بهذه الطريقة تتكرر أخطاؤنا في تفاصيل حياتنا اليومية. فنخوض حوارات عقيمة وندخل بمهاترات وخلافات قبل أن يفهم أحدنا ماذا يريد الآخر بالضبط، وقبل أن يسمع للآخرين ويفهم منهم ماذا قالوا وماذا يريدون!

نهاية المطاف أنا وأصدقائي ضحكنا معاً بعدما دققنا بالتفاصيل وفهم كل واحد منا اهتمامات وتفكير الآخر. اكتشفنا في الأخير أن أحدنا كان يتحدث عن مباراة ليفربول بالدوري الإنجليزي، والآخر كان يتحدث عن مباراة الأهلي والهلال بالدوري السعودي، أما أنا كنت أسأل عن مباراة برشلونة ويشاركني هذا الاهتمام رابعنا!
ضحكنا معاً على سخافتنا وبعدها مضى كل واحد منهم في سبيله وبقيت أنا الفارغ الذي دائماً أشغل نفسي بتدوين التفاصيل!