يعمل تيار سياسي في هذا التوقيت على تسليم جبهة الأقروض للحوثيين، التي تخوض قوات اللواء 35 مدرع فيها معارك عنيفة، وتصد أكثر من ثماني هجمات لميليشيات الحوثي على تبة الرضعة الاستراتيجية، جنوب شرق تعز، ويسقط الشهداء والجرحى، عبر الدفع بمجاميع مسلحة للتقطع للتعزيزات والأطقم العسكرية التي يرسلها اللواء 35 منذ يومين في منطقة الأحياد خلف الجبهة، ونهب الذخيرة منها، والتي يفترض أن تكون خط إمداد تأمين الجبهات في المنطقة. فكيف يمكن تفسير هذه الأحداث؟
يوم الأربعاء 27 مارس، بدأت هجمات قوية وتعزيزات ميليشيات الحوثي (الذراع الإيرانية في اليمن) على مواقع جبهة الأقروض، واشتدت المعارك، أرسل اللواء 35 مدرع تعزيزات مختلفة وأطقماً عسكرية لإسناد الجبهة، وفجأة تخرج مجاميع مسلحة مدفوعة من جهة سياسية ونافذة في المنطقة دون سابق إنذار وفي توقيت مريب وتقوم بالتقطع للتعزيزات وتنهب الأطقم العسكرية والأسلحة والذخيرة، وتمنع وصولها إلى جبهات القتال، على مدى يومين متكاملين، الأربعاء والخميس، حتى تمكنت ميليشيات الحوثي من دخول بعض المواقع في الجبهة وسقط شهيد وعدد جرحى من اللواء 35 مدرع.
لم تكن مجرد صدفة، هي عمل مخطط بوضوح وانكشاف، والإجابة عن كيف حدث التقطع، ولماذا في هذا التوقيت ستوضح الكثير؟ أليس غريباً أن يتزامن الحدثان: هجوم الحوثي وتقطع لتعزيزات اللواء 35 مدرع، وللتهرب من انكشاف التنسيق بين العناصر المتقطعة وميليشيات الحوثي، قامت جهة في ثاني أيام التقطع للتعزيزات بصياغه بيان باسم منتسبي الكتيبة الخامسة في اللواء 35 مدرع جبهة الأقروض، يقول فيه وبالنص "ندين ونستنكر ونستغرب نحن منتسبي الكتيبة الخامسة بجبهة الأقروض الصمت الرهيب للجهات المسؤولة في المؤسسة العسكرية إزاء الممارسات التعسفية التي ينتهجها اللواء 35 مدرع بحق هذه الجبهة".
البيان الذي صيغ يوم الخميس 28 مارس، قال إنه "لا تزال قيادة اللواء 35 مدرع تنتهج بحقنا أقسى أنواع العقوبات والحرمان من حقوقنا المشروعة ومستحقات الجبهة كجبهة قتالية".. وفي هذا الأمر هناك طرق رسمية عسكرية لتصدير المطالب والمطالبات بحقوق، وليست طريقته في التقطع لتعزيزات جبهات مشتعلة في توقيت حساس متزامن مع هجوم حوثي، ولكن تعالوا نرَ بقية تفاصيل البيان.
يفترض أن يكون المطلب حقوقيا، ولكن فجأة ينتقل من صاغ البيان من الحديث عن حقوق عسكرية إلى مطالب وبيان سياسي تم صياغته من طرف له أهداف واضحة، حيث يقول إن اللواء 35 يقوم "بتغذية وإذكاء صراعات حزبية لا علاقة لها بالجبهة من خلال دعم وتسليح مجاميع محسوبة على جبهة الصلو تم دعمها بمختلف أنواع الدعم المادي والعسكري الهائل".. هذا البيان السياسي الذي صاغه المتقطعون يتحدث عن دعم جبهات وإذكاء نيران العنصرية والحزبية، هل يعقل أن يكون عسكري من كتب هذه التفاصيل؟
وينهي البيان بتهديد تسليم الجبهة للحوثي بصريح العبارة، بالقول "إن تلك الممارسات ستودي إلى سقوط مواقع الجبهة في أيدي المليشيات نتيجة حرمان المقاتلين من الدعم المطلوب وما لم تتم الاستجابة لمتطلباتنا وإعادة مسحقاتنا فٳننا مجبرون لاتخاذ وسائل التصعيد لاستعادة حقوقنا ويعتبر هذا البيان حجة أمام الجهات المعنية".
ويبدو أن الصورة تكشفت أكثر أمام الجميع، فالهدف واضح من إسقاط جبهات الأقروض في أيدي ميليشيات الحوثي، التي تستميت في هذا الوقت وترسل بتعزيزات لصد هجوم قوات اللواء 35 لاستعادة المواقع التي سقطت أسفل تبة الرضعة أثناء التقطع للتعزيزات، والمتقطعين الذين أسموا أنفسهم بالكتيبة الخامسة والتي أصدرت البيان السابق، تدعى "عبدالكريم قاسم ومحمد عبدالله اسماعيل ومحمد حزام، من منتسبي اللواء واكثر من 30 شخصا من ميليشيات حزبية ليست عسكرية"، تم الدفع بها لتبرير الحدث، واثارة مشاكل في الجبهات الداخلية واضعافها.
يتزامن توقيت الهجوم الحوثي والتقطع لتعزيزات اللواء مع متغيرات سياسية وتوتر تعيشه محافظة تعز، بعد أن أقدمت القيادات العسكرية والتنظيمية الموالية لحزب الإصلاح على استغلال حملة أمنية أطلقها المحافظ، ارتكبت خلالها جرائم بحق المدنيين وعمليات تطهير خصوم سياسيين، قادتها مجاميع مسلحة تسمى الحشد الشعبي، تورط خلالها حزب الإصلاح سياسيا وانسانيا وحقوقيا، واتهامات بتعاون وتنسيق وتقارب بين قيادات حزب الإصلاح في تعز مع ميليشيات الحوثي.
وفي سبيل 3 أهداف تعمل قيادات حزب الإصلاح في تعز لإسقاط جبهات الاقروض في أيدي ميليشيات الحوثي:
الأول، يتعلق بالرأي العام واثارة قضية كبيرة كسقوط جبهة عسكرية في تعز تحت هجوم الحوثيين والتعميم على الجرائم التي ارتكبوها بحق المدينه القديمة.
والثاني، التعاون على اللواء 35 مدرع لإضعافه بسقوط جبهات عسكرية وتحميله نتائج ما حدث وتوريطه أمام القيادة السياسية والحكومة والمطالبة بإقاله قائده العميد عدنان الحمادي، بالتزامن مع تصميم المحافظ نبيل شمسان على إقالة قيادات عسكرية وأمنية موالية للإصلاح ارتكبت الجرائم في الحملة الأمنية، ومطالبة الرئيس بإقالة الحمادي الذي أسقط الجبهات في أيدي الحوثيين.
والهدف الثالث، بعد تسليم الحوثيين لجبهات الاقروض سيقوم حزب الإصلاح بالمطالبة بتسليمه الجبهة وجعلها ضمن مسرح عمليات أحد الألوية العسكرية التابعة له وسيجهز حملة عسكرية لاستعادة الرضعة، بالمقابل يقوم الحوثي بتسليمهم الجبهة.
ولعل ما نقوله ليس أكثر من مجرد توضيح أن قيادات حزب الإصلاح العسكرية في محافظة تعز وجبهات الأقروض منهم رجل الاستخبارات العسكرية عبده البحيري، و"سالم" مستشار المحور، وضياء الحق الأهدل، ووكيل محافظة تعز للأمن والدفاع عبدالكريم الصبري... وغيرهم، بالمعلومات تعمل بطرق مكشوفة وواضحة لإسقاط الجبهات في أيدي الحوثيين، ولم تعد ذكية بما يكفي لتمر على المتابع، فتوظيف شخصين أو ثلاثة من منتسبي اللواء 35 مدرع لديهم مشاكل قانونية وعسكرية ورفدهم بما لا يقل عن 30 شخصا، للتقطع على تعزيزات وأطقم عسكرية ذاهبة إلى جبهات مشتعلة، يقود الهجوم عليها من ميليشيات الحوثي، لإضعاف الجبهات وإسقاطها، ثم الخروج ببيان سياسي أكثر مما هو مطالبات عسكرية حقوقية، خارجة عن العرف العسكري، ليست سوى بلطجة وخيانة للشرف العسكري المقاوم للحوثيين.
التقطع لتعزيزات عسكرية في توقيت صعب، هذه هي الخيانة يا أصحاب القرار السياسي في حزب الإصلاح، ألم يحن الوقت لوقف عبث عناصركم العسكرية والتنظيمية بالوضع في تعز التي لم تعد تحتمل، ففي اللحظة التي منح الحزب القرار للعسكريين تورط بجرائم وانتهاكات، وباتت سمعته مرتبطة بالخيانة والعمالة للحوثي، والرأي العام والجماهير لم تعد تستسلم للضجيج الإعلامي والمغالطات، الآن زمن الحقائق ونقل المعلومة.