عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

افهمي يا شقيقة وأنتِ يا قوى وطنية!

Tuesday 30 April 2019 الساعة 10:29 am

هناك موقفان خاطئان في علاقتنا بالجارة والشقيقة الكبرى، المملكة العربية السعودية. وللأسف الشديد، فإن هذين الموقفين غاية في القدم والتخلف، وبين كل فترة وأخرى نقوم بإعادة طلائهما مع بعض التعديلات الشكلية البسيطة، ومن ثم تسويقهما للناس كبضاعة رائجة في السوق السوداء.

تتولى مسؤولية التبشير والتسويق لهذين الموقفين، الجماعات الدينية السياسية وغير السياسية والأحزاب والأيديولوجيات ومختلف القوى السياسية والاجتماعية، كعقائد ومرتكزات دينية ووطنية وكقيم ومثل عليا سامية.. باستغلال حالة التردي العام الذي يفقد التوازن ويميل للتطرفات، وغياب دور المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية عن أي دور للرقي الثقافي، وإنضاج وعي سياسي حقيقي قادر على تجاوز المتاهات المضللة والأمراض التاريخية.

أيضاً يُعد أحد الأسباب الجوهرية في هذا، هو استمرار الفشل والإخفاق للأحزاب السياسية والسياسات الرسمية من إنقاذ علاقاتنا والدبلوماسية والسياسية، بتقدير للمسؤولية الوطنية والأخلاقية كما يجب، والاستفادة من التجارب الفاشلة ومراجعة الأخطاء والتطرفات، لا إعادة ممارستها وإحيائها من جديد والغرق بدواماتها وتناقضاتها اللامنتهية.

هذان الموقفان كما يعرفهما الجميع:
الأول: الارتهان للسعودية ومجاملتها وكسب رضاها وودها والتماهي مع أخطائها، وإلقاء كل الحمل والأطماع الشخصية عليها والترزق منها على حساب القضايا الوطنية بحساسيتها وتفاصيلها الداخلية السيادية، التي تقع فيها بقصد أو بدون، والدفاع عن أخطائها أكثر من نفسها.

الثاني: معاداتها وتصويرها بأنها أساس كل البلاء والمشاكل والأزمات التي نعاني منها قديماً وحديثاً.. وانتهاج العداء لها بتقليد كل تفاصيل خصومها الإقليميين والدوليين بطريقة مبالغ بها خارج سياق المنطق والموضوعية تماماً..

يختلف اللاعبون تحت هذين الموقفين، ويتبادلون تغيير المواقف والشعارات ولوك العبارات التقليدية والأفكار القديمة والادعاءات الطفولية، فمن كان بالأمس بالموقف المرتهن أصبح اليوم بالموقف الثورجي المبالغ ضد السعودية..

إن في هذا لذكرى لمن كان له عقل وفكر بمنطق، فنحن نرى سلسلة تاريخية من الدوامات والتناقضات المتطرفة، قديمة وحديثة وكلها ذهبت سدى وكلفتنا وكلفت السعودية الكثير من الخسارات.

ألا يدعونا هذا، ويدعو السعودية كذلك، إلى تغيير حقيقي بمنطق علاقتنا ببعض؟؟!!

ليست السعودية سبب كل بلاء ومصيبة نحن فيها كما أنها ليست سليمة من الأخطاء الصغيرة والكبيرة المقصودة وغير المقصودة.

وبالتالي فلنتفق ونختلف مع السعودية لنصارحها بما يجب أن نصارحها به وما لا بد بأن تسمعه، لنشكرها بما أحسنت وننتقدها بما أخطأت لنتحمل مسؤولية أنفسنا ونطلب من الجميع مساعدتنا بما يخدم مصالحنا المشتركة لا أن نلقي بكل عبئنا على الآخر ونزايد بما تربطه بنا مصالح ومصير مشترك.

هل نستطيع تحرير القضايا الوطنية الكبرى وعلاقتنا الدولية المصيرية مع الشقيقة الكبرى، من أطماعنا وعجزنا وقصورنا وأحقادنا ومتاجراتنا الرخيصة؟!

وهل تتهيأ السعودية إلى قبول علاقة قائمة على هذا الأساس وهي تعي مآسي العلاقات غير السوية؟!