فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

الإصلاح والإرهاب (4)

Tuesday 11 June 2019 الساعة 07:14 pm

صديق خشي على مصداقيتي، التي هددها احتجاجي بحالة بلال الوافي (أبو الوليد) كمثال على تغلغل الإرهاب في حزب الإصلاح، إذ قال ناصحي إن حزب الإصلاح لا يحمل وزر إرهاب أبو الوليد، لمجرد أنه ابن علي محمد الوافي رئيس الدائرة الاقتصادية في الأمانة العامة لحزب الإصلاح، كما أن الوالد الذي يعتقد أنه يعيش حالياً في تركيا، لا يؤاخذ بفعلة ابنه. وهذه ملاحظة صحيحة لو أن مرتكب الجرائم الإرهابية التي ذكرنا جملة منها في المقال السابق، كان يقوم بذلك وهو مستقل عن حزب للإصلاح، أو كان عاق والده. قلت لصديقي: لقد كان الرجل عضواً في الحزب، وحزبه مثل والده يعلمان أفعاله ومع ذلك لم يصدر من أي منها ما يوحي بعدم الرضا، على الرغم من عدم أهمية مثل هذا الإيحاء. ففي حالات أكثر أهمية اكتفى حزب الإصلاح بإزاحة قيادات من المواقع التنظيمية التي تشغلها بعد أن أدرجت أسماؤها في قوائم دولية لداعمي الإرهاب، دون أن يتبرأ من تلك القيادات أو فصلها منه. إن ذلك غير ممكن لأسباب معروفة لا تتطلب شرحاً.

ولكي تطمئن نفس صديقي ذكَّرته بحالات كثيرة تشبه حالة الإرهابي الإصلاحي أبو الوليد، فمثلاً لم يكن خميس صالح عرفج قيادياً في القاعدة فقط، بل إنه كان قيادياً في حزب الإصلاح، بل كان أحد مرشحي الحزب في الانتخابات النيابية لعام 2003، وكان حزبه يدرك أنه من قيادات تنظيم القاعدة في الوقت نفسه، وعرفج هذا قُتل بصاروخ أطلقته طائرة أمريكية دون طيار في سبتمبر 2010، وقتل معه الشيخ اليمني - الأمريكي أنور ناصر العولقي وبعض صحبه، وكلهم قتلوا في بيت عرفج الذي كان ملاذهم الآمن.

لا يمكن لذي عقل ونصفة أن يؤاخذ المواطن محمد عاصم، بجريرة أن ابنه هشام ناشط في تنظيم القاعدة، فالأب لم يكن يعرف ذلك، ولا حتى كان يعرف أن ابنه هشام ينتمي لحزب الإصلاح، ويحمل بطاقة عضوية رقم 2280 مختومة بختم فرع الحزب بمديرية معين في العاصمة صنعاء. بينما كان الحزب يعلم ذلك بالتوكيد، وهشام هذا هو الذي أدين بقتل المهندس الفرنسي جاك هنري، وقد حكم عليه بالإعدام عقاباً على الجريمة وعقاباً لانتمائه لتنظيم القاعدة. بينما يمكن يكون العكس في حالة مبخوت عبود الشريف، رئيس المكتب التنفيذي للإصلاح في مأرب، فهو كان مشجعاً لابنه الإصلاحي مصعب، الذي قتل وهو يقاتل في صفوف جماعة أنصار الشريعة في أبين.

تلك قليل من شواهد لا حصر لها ترينا تغلغل الإرهاب في الإصلاح، وما أكثر حالات التشارك بينه وبين الجماعات الإرهابية. يقاتل حزب الإصلاح وتنظيم القاعدة جنباً إلى جنب في البيضاء وفي تعز والجوف ومناطق أخرى كثر، ضد منافسي الإصلاح، وبقي أن نشير إلى حالة مشهورة حدثت أمس القريب، وذلك حين تشاركوا في مطلع شهر 2015- وكانوا معسكرين معاً في السحيل ونخلا بمأرب- بالتقطع لكتيبة عسكرية تتبع اللواء 62 احتياط، كانت في طريق عودتها إلى صنعاء بعد أداء مهمة نوعية في مواجهة إرهابيين بمحافظة شبوة، حيث قتلوا واحتجزوا عشرات الضباط والجنود، واستولوا على كل أسلحة الكتيبة..

في بداية الأمر أنكر حزب الإصلاح علاقته بالعدوان والاستيلاء على الأسلحة، وزعم أن قبائل مأرب هي التي قامت بذلك، لأن الكتيبة كانت تعتزم تسليم أسلحتها للحوثيين حسب زعمه، لكن تنظيم القاعدة خرج بعد يومين ليعلن تبنيه الهجوم على الكتيبة، ويقول إن مسلحي حزب الإصلاح، شاركوه في الهجوم عليها، وأنهم جميعاً غنموا أسلحتها، ثم أكد الشيخ سلطان العرادة- محافظ مارب- تلك المشاركة، لكنه تذرع بمغالطات ضعيفة، مثل أن تنظيم القاعدة في مأرب ليس بمستوى جماعة، وإنما مجرد أفراد من مختلف المناطق، وإنه كما يوجد في أبين، مثلاً، عناصر للقاعدة من تعز وإب ومأرب والسعودية وسوريا وغيرها، فكذلك يوجدون في مأرب. مجرد أفراد، وماذا في ذلك؟ بينما خرج مبخوت عبود الشريف، رئيس فرع حزب الإصلاح في مأرب يعترف أنهم سيطروا على أسلحة الكتيبة العسكرية، وساق مبرراً لذلك وهو أن سيطرتهم على الأسلحة كان الغرض منه استخدامها لحماية الثروات النفطية والكهرباء ومؤسسات الدولة في مأرب! وعاد لاحقاً ينقض كلامه بالقول إن الغرض من السيطرة على تلك الأسلحة هو محاربة الحوثيين بها، وعندما ينتصرون على الحوثيين سوف يعيدونها للدولة!!