محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

كلاشنكوف الجمهورية

Thursday 26 September 2019 الساعة 11:35 am

سقطت الجمهورية بكيانها المعنوي والدستوري في صنعاء، وبنى الحوثي على أنقاضها مملكته التي تخنق اليمنيين بسواد الكهنوت وظلام الإمامة وحقد السلالية، ويحاول أن يخضع المجتمع تدريجياً كلما أسعفه الوقت لتدجينه بفكره الإرهابي، ويسعى إلى الإمعان في التشظية ليسهل عليه ابتلاع البلاد وتأطيرها بالولاية مع تدعيمها باستنساخ التجربة الإيرانية.

مع كل هذا السقوط إلا أنه بقيت الجمهورية فكرة متقدة في العقل المجتمعي، تقاوم قدر الإمكان التعزيز المتكرر لفكرة الولاية الحوثية والاستنقاص من القيمة الإنسانية للجمهورية، وإصباغ النظام الجمهوري بصبغة الإتباع باليهود والنصارى وإنه مستورد لا يطيقه الإسلام ولا يقول به، وهذه المحاولة المصبوغة بالدين يكررها الحوثي لعل الناس تجد ما يريح عقلها ويُهدء خوفها، لأنها وبسبب الجهل تخاف من نقد أو مقاومة ما يأتي باسم الدين، ومع كل ذلك لم يستطع الحوثي أن يلغي فكرة الجمهورية من المجتمع وإن خضع هذه الفترة بقوة السلاح إلا أنه سينفجر حتماً ويجدد ويستعيد وهج ثورة 26 سبتمبر الخالدة.

في الوقت الذي تقبع صنعاء في الظُلمة الكهنوتية، هناك من يحمل مشاعل النور والبندقية ويقص الأرض بإيمان مطلق بالجمهورية وعودتها إلى صنعاء بكيانها الدستوري والقانوني والمعنوي، لتبقى الناس في ظله متساوية الحقوق والخليقة، وهناك من يتخذ من الجمهورية خطابات إعلامية في مناسبات معينة ولا يقاتل لأجل استعادتها.

في ظل هذا التشتت الجمهوري بسبب الحرب وتعدد التوجهات والأفكار المختبئة بعضها تحت المصلحة الشخصية، نجد جماعة الإخوان التي تسيطر على الشرعية تتغنى بالجمهورية من فنادق الرياض، وتطرب عبر إعلامها مسامع الناس بالإناشيد التي تعبر عن عظمة الجمهورية ونظامها، ولكن في الواقع نجد أن الإخوان يعملون ضد ما يتغنون ويتمسحون به.

خمسة أعوام من الحرب وصنعاء لا تزال في سرداب الحوثي، والإخوان لا يزالون على خشبة المسرح يرقصون للجمهورية من فنادق الرياض، وفي الواقع لا بنادق لهم صديقة للجمهورية مدافعة عنها متلهفة للعودة إلى كل البلاد، لقد توقفت بنادقهم عند أبواب صنعاء وبقيت تمارس التمثيل على خشبة المسرح عن الجمهورية.

لا شيء يمنح الإخوان صفة الحاملين هموم قضية النظام الجمهوري، تنعدم المؤشرات التي تدل على جديتهم وصدقهم في الدفاع عن الجمهورية، لقد استخدموها وسيلة للتهريج والكسب غير المشروع في حرب أنهكت اليمنيين ودمرت بلادهم، يتخذونها الواجهة التي كانوا يحتمون بها ويتصدون للنقد والهجوم على فشلهم وفسادهم قبل أن ينكشف خداعهم وزيفهم وكفرهم بالنظام الجمهوري، حيث يتفقون مع الحوثي على الكفر بالجمهورية والمساواة.

في مقابل الخذلان والكفر الإخواني بالجمهورية، تقف المقاومة الوطنية في الساحل الغربي حاملة وهج الجمهورية ونورها تستضيء به نحو صنعاء، لقد تشكلت ألوية المقاومة على هدف واضح هو عودة النظام الجمهوري واستعادة ثورة 26 سبتمبر وعودة صنعاء إلى ظله وإنقاذ الناس ومستقبلهم من خطر الفكر الحوثي والإخواني اللذين يشتركان في هدم الجمهورية باعتبارها كفراً.

لم تستخدم قوات المقاومة الوطنية بندقيتها إلا في محاربة أعداء الجمهورية، ولم تستأثر لنفسها استخدام البندقية لتحقيق مصالح شخصية كما يفعل الإخوان، لذلك هي فقط كقوات عسكرية تحمل كلاشنكوف الدفاع عن الجمهورية بكل إيمان وطني وشعور قومي بأهمية الجمهورية لليمنيين ومستقبلهم.

رجال المقاومة الوطنية هم الأمل الأخير للناس في استعادة النظام الجمهوري إلى صنعاء، وخاصة بعد أن انكشف الإخوان على حقيقتهم واتضحت رؤيتهم المعادية للجمهورية وتعاونهم مع الإمامية وحمايتها، ليس هناك طرف آخر يحمل قضية الجمهورية بصدق كما يحملها رجال المقاومة الوطنية، الشيء الوحيد المتبقي للشعب لحمايته من براثن الإمامة والخلافة.

لم تكن الأحزاب والقوى السياسية أكثر من المؤتمر الشعبي العام تمسكاً ونضالاً من أجل الجمهورية، على الرغم من الهجمة الشرسة عليه من الإخوان والحوثي ومن تبعهما لمحاولة كسره وفرض إرادات لا تتناسب مع مبادئه وميثاقه.. لقد بقيت قواعد المؤتمر الشعبية متمسكة بالجمهورية كنظام لا بديل عنه لتحقيق العدل والمساواة وما زالت تقاوم في وسط هذا الظلام الكثيف.