د. صادق القاضي
ذبح العدالة.. بعد ذبح الثيران يوم "النهدين"!
من الملفت أن تتسلم "الشرعية"، من "الحوثيين"، ضمن "صفقة تبادل أسرى"، أشخاصاً ليسوا من الأسرى، ولا من المختطفين، بل متهمين في عملية إرهابية شهيرة راح ضحيتها العشرات من رجال الدولة أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق، رئيس مجلس الشورى المخضرم عبد العزيز عبد الغني!
وراء الأكمة ما وراءها، وعلى الأرجح هي كرة سياسية جديدة قذرة رماها الحوثيون إلى ملعب "الشرعية"، وهم يقصدون تماماً إضافة المزيد من عوامل الخصومة والشقاق.. إلى هذه الجبهة المثخنة بالشروخ والتصدعات والفشل.
يعرف الحوثيون جيداً ومسبقاً أن الذين ذبحوا الثيران في الساحات الثورية ابتهاجاً بتنفيذ "حادثة النهدين" 2011. سيذبحون العدالة اليوم احتفالاً بإطلاق سراح المتورطين بـتلك العملية الإرهابية.
لقد ذُبحث الثورة يوم ذُبحت تلك الثيران، ومن تاريخه مرت في النهر دماء كثيرة، تغيرت الأمور كلياً وجذرياً، باستثناء موقف الإخوان من الإرهاب، وحقدهم غير المفهوم على كيان تشارك معهم السلطة والنظام طوال عقود.!
المهم هنا، على الأقل شكلياً، أن إطلاق المتورطين في تلك الجريمة الإرهابية، هو جريمة إرهابية أخرى لا يمكن أن تصدر عن جهة تعتبر نفسها بأي شكل بمثابة دولة.
يعرف الحوثيون هذا الأمر، ولذلك حاولوا بشكل سخيف التنصل من التبعات السياسية والأخلاقية لقرارهم، بزعم أنه غير رسمي، وأن ما حدث خطأ فني غير مقصود، يجب التحقيق مع مرتكبيه، ومحاسبتهم!
الشرعية، هي الأخرى، تعرف هذا، ويُفترض بها كجهة رسمية أن تتعامل مع الأمر بشكل قانوني يستوجب إحالة هؤلاء المتهمين، إلى الجهات المختصة، لمحاكمتهم محاكمة عادلة، أو حتى صورية لتبرئتهم بحكم قضائي.
هي -نظرياً- دولة، وليس من المعقول أن تتورط بالوقوف ضد مسئولياتها القانونية والأخلاقية، وتخلي سبيل المتهمين.. أما إن قبلت بمهزلة استقبالهم بحفاوة، والاحتفال بهم كأبطال.. فعلى الدنيا السلام.!
هذا الاحتفاء والاحتفال.. إدانة للضحايا، وتكريم للإرهاب، وازدراء للعدالة، ونكاية بشركاء الحياة السياسية، ولا مبالاة بأبسط واجبات الدولة والتزاماتها.!
هو فضيحة تاريخية مجلجلة للشرعية، وتعني فيما تعنيه أن هذه الشرعية قد تلاشت تماماً في جماعة دينية محلية متفرعة من جماعة دولية كان منجزها الوحيد في مصر، هو إطلاق سراح الإرهابي قاتل المفكر الكبير فرج فودة.