كما يقال فإن التاريخ يعيد تكرار نفسه، ومن هذا المقولة نفهم سبب التوافق الحوثي - الإصلاحي في حقدهم على القوات المشتركة في الساحل الغربي، وتنسيقهم الميداني لمهاجمة مدن الساحل، وقبل ذلك الهجوم الإعلامي الموحد ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أوجعتهم بمواقفها وثباتها وفهمها لما يخططون له، ومبادرتها لإفشال تلك المخططات الخبيثة عسكرياً وسياسياً ومجتمعياً، ولهذا الدور الإماراتي المشهود له بتكامله أثر كبير في كشف هاتين الجماعتين، فعلى سبيل المثال ما قدمته الإمارات من دعم وإسناد للقوات الجنوبية وقوات الساحل كشف زيف الادعاء الإخواني بعدم وجود إمكانيات للتقدم نحو صنعاء أو على الأقل إشعال الجبهات ضد الحوثيين، فالواقع أثبت أن الإمارات تعرف تماماً من يمتلك الإرادة للتقدم، وإحداث الفرق، بين من يروون الأرض بدمائهم في سبيل الحرية وإعادة اليمن، ومن يريد أن يفتح مشروعاً استثمارياً من مال الدعم المقدم، كما تعرف من يستحق الدعم ليزحف في الميدان ويدك معاقل الكهنوت والإرهاب ويبث الرعب فعلياً في قلب العدو ومن يزحف في تويتر وفيسبوك ويبث فيديوهات الأعراس من متاريس نهم أو غزوة (الثلاجات) في مدينة تعز القديمة والحجرية.
بالأمس أعاد الهلال الأحمر الإماراتي مئات الطلاب في الساحل لمدارسهم بعد أن أكمل ترميمها، وكذلك إنشاء مدارس أخرى، تأكيداً لدوره العروبي والقومي والإنساني وإيماناً بأن التعليم هو السبيل الأفضل لمواجهة فكر التطرف الحوثي والإخواني.
تبني الإمارات المدارس وترممها لتساعد في مواصلة استمرار التعليم وتهيئة المناخ الأنسب وبما يقي الصغار ويحصنهم من الوقوع في الاستغلال الذي تنتهجه الجماعات المتطرفة، ولتؤكد الإمارات مرة أخرى أن عودة اليمن لا يلزمها فقط مدفعا وقذيفة، بل وتنمية وثقافة وعلم وتعليم، بينما تقدم الإمارات كل ذلك شاهدنا مظاهرات طلاب تعز (ثانوية باكثير) يتظاهرون مطالبين جماعة الإخوان بتمكينهم من مدرستهم المحتلة من قبل لواء عسكري تابع للجماعة، وكذلك نشاهد كيف تدمر جماعة الحوثي المدارس محولة إياها لمخازن أسلحة أو ساحات تدريب وثكنات عسكرية ومواقع قنص تستخدمها لقتل اليمنيين، ونلاحظ كيف يمارس الحوثيون أبشع طرق الإذلال للمعلم والتعليم عموماً، لذا يتألمون جداً مما تقوم به الإمارات فهي توجعهم في الميدان، وتترك القرار للمجتمع الذي يلفظ الحوثي والإخوان ويسخر من تلفيقاتهم البائسة.
ولأن الإمارات رفضت وترفض الاستخدام السيء للسلطة والتدثر بالشرعية لتمرير مآرب جماعة بعينها على حساب المجتمع اليمني، بسبب موقفها ذلك كانت عرضة للهجوم والجنون حتى بعض الشخصيات التي كان ينظر لها بدرجة من الاحترام.
ولطالما تماهت جماعة الإخوان مع الإمامة وكل سلطة ظالمة في تاريخنا العربي الحديث، ما دامت تلك السلطة تحفظ للجماعة مواردها وتفسح المجال لممارسة ساديتها في القمع والاستخدام السيء للسلطة.
ولنا أن نلاحظ التشابه بين سلطتي صنعاء ومارب، وما يتعرض له أي كاتب أو ناقد لممارسات الجماعتين، فمارب تسجن النشء وتستدعي بعضهم للنيابة العسكرية كما جرى لفهد الشرفي، وصنعاء تعتقل وتخفي وتقتل وتلفق التهم أيضاً بنفس الطريقة الإخوانية في مارب.
تماهي أدوات الحوثي والإصلاح جاء بعد توافق قطري إيراني ليثأر من اليمنيين، تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني والمخابرات القطرية وتنظيم القاعدة، الذراع الميداني لقطر، وعبر أدواتهم في اليمن من مليشيات وحشد يحاولون كسر عود القوات المناهضة للمشروع الإيراني والرافضة للاستحواذ الإخواني.
يستغبون أنفسهم ويتجاهلون أن الشعب يلتف يوماً بعد آخر مع من يحمل له الخلاص من براثنهم، فالشعب سيلتف أكثر مع من يقف لجانبه ويشعر به، بعد أن اذله كفر الجوع والأمراض والإذلال والاستغلال والتخندق الحزبي.
فخلال خمس سنوات وبعد تجربة جماعتي الإسلام السياسي العميلة الناقمة نستطيع أن نقول بأن الشعب لا بد ان ينتصر عاجلاً، ولعل اتفاق الرياض يكون بارقة أمل لتصحيح الخطأ القائم وتوجيه البوصلة نحو صنعاء لاستعادتها من قبضة اغبياء عتمة الحسينيات وسراديب الوقيعة التي يراد لها أن تظل بين اليمنيين ليدوم زمن الكهنوت.
ولعل إيران وأدواتها يجهلون أن اليمن قد تغير ولن يعود لزمن الإمامة، ولا مكان فيه لمجندي قاسم سليماني أو حقد الحمدين، فجواكر الفتنة قد انكشفت وسقطت في أيديهم، ومصير من سبقهم في انتظارهم، بأكثر بؤساً وذلاً وهواناً.