لم يكن للمواطن اليمني وهو في أسوأ حالات السلبية والتشاؤم أن يفكر ويتصور بأن حاله والوطن سيصل لما هو عليه اليوم في ظل تحكم وتسلط جماعات الإسلام السياسي وتصدرها للمشهد في اليمن منذ 2012، وما رافق وصولهم من دغدغة للمشاعر وكذب واستخدام للدين لتحقيق مآربهم، متخذين من الفجور في الخصومة وبيع الوطن والانقلاب على الثوابت والإرهاب والإجرام سبيلاً للسيطرة القائمة اليوم، ولعل هذا طبيعي في ظل انعدام المشروع السياسي الوطني للجماعتين "الحوثيين، الإخوانج"، وفي ظل هذا الصفات الدنيئة التي تتسم بها الجماعتان لك أن تتخيل ماهية الوضع القائم والمبشرين بمشروعهم السياسي لتعرف السوء الذي لا يوصف الذي أوصلونا إليه.
في صنعاء يتصدر مشهد التبشير بمشروع الإمامة الحوثية وهدي المسيرة القرآنية كل من محمد العماد، والأملحي، وأعتقد أنهما معاً تعبير مكثف لقذارة المرحلة التي تعيشها اليمن، خصوصاً وأن أغلب نخب الشمال مرتهنون لمصالحهم الضيقة ويحصرون تفكيرهم فيما اعتادوا عليه "الفيد" وسلطة المال، دون أدنى شعور بالوطن وسوداوية المستقبل الذي يؤسسون له اليوم بصمتهم وتخاذلهم ومهادنتهم للحوثيين، غير مدركين عواقب ان تحكمهم هذه الجماعة الملعونة، التي تجتر الماضي وتقتات عليه وتربط بقاءها بأشلاء اليمنيين وعذاباتهم.. فاليمن "الحوثي" ليس ما يحلم به أي يمني ذو كرامة يؤمن بالحرية والديمقراطية والوطن الجامع لكل أبنائه، فما يؤسس له الحوثي ويصر على جعله واقعاً مأساوياً لا يغفله أو يتقبله أحد إلا أتباع الجماعة ومن على شاكلتهم طبعاً من الإخوان.
إذا أردت أن تعرف يمن ما بعد الدولة، أو اليمن الجديد بمنظور الإخوان والحوثي، تأمل ما يصدر عن شخصيات الجماعتين وناشطيهم، وتعدد مهاراتهم في استعداء كل من لا يتفق معهم.. فما بين غزوات "ذات الإنتل" التي تشنها حكومة صنعاء ضد شبكات الإنترنت، وغزوة "ذات العبايا" التي يقوم بها "الخمينيون" ضد محلات البالطوهات والعبايات باعتبارها مؤخرات للنصر، وبين نداء العديني للجهاد ضد جماعة مسرحية ثقافية، ودعوة أسماء الزنداني، الفنان أيوب طارش إلى التوبة إلى الله وترك الغناء والمعازف، لأنها حرام، ستعرف ما نحن مقدمون عليه!! ونوعية الحياة التي تريد جماعتي الشر والتطرف في اليمن أن تكون، وكأن الله لم يبق للاسلام الا المداني وشمس الدين، وأسماء الزنداني والعديني، في وقت يصفق اتباع الحوثي والإخوان للقتل والكذب والدمار والنهب والفساد الذي يذبح الإسلام من الوريد إلى الوريد.
خلاصة.. الإمامة جثمت. وهذه قناعتي في ظل انعدام المشروع السياسي الوطني لدى مناهضي "الحوثية"، هذه السلالة السرطانية والكهنوتية التي تحتم على الجميع محاربتها مهما كانت حقارة "شرعية الفنادق" ورئيسها وكارثية فسادها، فكسر هذه الجماعة والانتصار عليها هو انتصار للنفس وللعزة والكرامة والقيم، وحتى لا يتحول مثل العماد والاملحي، أو العديني وسفهاء الإخوان ناطقين بتوجهات المرحلة القادمة.