على مدى الأعوام الخمسة مارست، ولا تزال، مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، إجراءات إدارية واقتصادية تعكس النزوع الانفصالي لهذه المليشيات التي تسعى إلى تدمير مقومات دولة الجمهورية اليمنية وكل ما له صلة بها، وترسيخ وضع قائم كل مظاهره هي مظاهر انفصالية بحتة.
وللأسف الشديد فإن حملات الإعلام الموجهة وخصوصا الإعلام الإخواني في اليمن يسعى لتكريس تهمة الانفصال بالمجلس الانتقالي الجنوبي، مستندا إلى مطالبات الأخير باستقلال الجنوب وإقامة دولته.
وبغض النظر عن الموقف من ما يطالب به المجلس الانتقالي الجنوبي وكل حركات الحراك الجنوبي، إلا أن المجلس لم يتخذ حتى الآن إجراءات ذات طابع انفصالي بحت كالتي تمارسها وترسخها مليشيات الحوثي في مناطق سيطرتها، وخصوصا تلك التي تمس مفهوم سيادة الدولة وأهمها ابتداء من خلو خطابها السياسي والإعلامي من قضايا الثوابت الوطنية وعلى رأسها الجمهورية والوحدة والديمقراطية، إضافة إلى موضوع منع التداول بالطبعة الجديدة من العملة الوطنية، وقضية إنشاء جمارك محلية في مناطق سيطرتها تقوم بجباية جمارك إضافية على تلك التي يتم تحصيلها من قبل سلطات الحكومة الشرعية في المنافذ البرية والبحرية المحررة من مليشيات الحوثي، وعملية تغيير المناهج التعليمية بشكل منفرد، ناهيك عن التعيينات المناطقية العنصرية لكل قيادات أجهزة الدولة في مناطق سيطرتها من المنتمين إليها وبشكل أخص من محافظة صعدة وإقصاء الآخرين، وصولا إلى إنشاء مليشيات مسلحة عسكرية وأمنية بديلة للوحدات العسكرية والأمنية النظامية التابعة لدولة الجمهورية اليمنية، وإنشاء وتأسيس كيانات إدارية بديلة لأجهزة الدولة ومنحها صلاحيات الأجهزة التنفيذية التابعة للحكومة وكلها إجراءات وممارسات انفصالية في الشكل والمضمون.
والحقيقة التي يجب أن تكون واضحة اليوم للعيان أن كل الممارسات التي تقوم بها مليشيات الحوثي تؤكد وبما لايدع مجالا للشك أن هذه المليشيات تنفذ عملية انفصال واضحة في مناطق سيطرتها في الشمال غير عابئة أو مكترثة بما ستعكس ممارساتها من نتائج كارثية على عملية إعادة مؤسسات الدولة في حال التوصل إلى تسوية سياسية، بل إنها بممارساتها تقدم البرهان على عزمها الانفصال بالشمال أو ببعض مناطقه وحكمه بالحديد والنار ولا يهمها أن يكون ذلك على حساب الدولة أو على حساب دولة جغرافية اسمها الجمهورية اليمنية.
الحوثيون يمارسون أفعالا انفصالية مكتملة الأركان، لكن ما يمارسونه لا يقابل بأي مواقف إعلامية أو سياسية توضح جرائمهم، فيما تشن حملات إعلامية ممنهجة ومخططة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي ووصمه بالانفصال بحق وبغير حق.
إن حملات الإعلام التي يقودها الإخوان المسلمون في اليمن وحتى بقية أطراف الشرعية ضد الانتقالي الجنوبي تحت مبرر دعوته للانفصال تعكس موقفا سياسيا بحتا لا علاقة له بالوطن ولا بالسيادة ولا بالدولة ولا بالجمهورية اليمنية ووضعها القانوني ومستقبلها، وإلا فإن كل ممارسات المليشيات الحوثية هي إجراءات انفصالية تعكس نوايا وفكرا ورغبة انفصالية للحوثيين وتؤكد نزوعهم إلى استعادة حكم الامامة الانفصالي في شمال اليمن وإن لم يتمكنوا من ذلك فليكن السيطرة على منطقة أو مناطق صغيرة في الشمال يقيمون فيها دولتهم الانفصالية المرتبطة بإيران على غرار دولة حزب الله في جنوب لبنان.
والسؤال الذي سيظل يطرح نفسه بقوة: هل سيستمر موقف القوى السياسية والمثقفين والإعلاميين والناشطين في إنتاج ذات الخطاب الذي يتهم الانتقالي الجنوبي بالانفصال ويتغاضى عن كل الممارسات الانفصالية الفعلية التي تنفذها مليشيات الحوثي؟!
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.