محمد عايش

محمد عايش

تابعنى على

توجان ومعركة الحريات

Tuesday 24 December 2019 الساعة 06:49 pm

تحية لتوجان البخيتي وهي تنبت، كوردة بيضاء، في قلب واحدة من أنبل معارك المستقبل في مجتمعاتنا العربية والإسلامية: معركة الحريات.

تحية لها وهي تبدو كصوت واعد في مسيرة المليون ميل نحو اعتراف هذه المجتمعات، وحكوماتها، بإنسانية الإنسان، وكرامته، وحقه في أن يكون ما يشاء، ويفكر كيفما شاء.

هل تعتبرون معركة هذه الفتاة تمثيلية؟؟

فليكن.. وأي طريق يؤدي إلى تكريس الحريات العامة والخاصة في بلداننا، كفكر وسلوك، هو طريق مطلوب حتى لو كان عبر الادعاء والتمثيل والسينما والمسرح..

غير أن توجان لا تمثل ولا تدعي، ومن لا يلاحظ حجم الصدق الواضح في دفاعها عن قضيتها، فإنه أعمى، أو أنه خصم لفكرة الحريات من الأساس.

هل نبالغ في تقدير نضال فتاة ضد فصلها من مدرستها؟؟

التاريخ لم يبالغ حين اعتبر رفض الأمريكية السوداء "روزا باركس" التخلي عن مقعدها في الباص لرجل أبيض؛ واحداً من أهم المقدمات التي أطلقت ثورة الحريات المدنية في أمريكا، إحدى أعظم ثورات العصر، والتي أدت في النهاية إلى إسقاط كافة قوانين التمييز العنصري ضد السود.

"روزا" تحولت، باحتجاجها الصغير والمتواضع، إلى أيقونة ليس لدى مجتمعها فحسب بل لدى العالم الحر كله.

المجتمعات تنضج بالتراكم، ومكتسبات الشعوب تتحقق عبر سيل من أحداث قد يكون بعضها صغيرا وفرديا، لكنه يصب في النهاية في مصب التغيير الأكبر.

ويكفي إنجازا لتوجان الصغيرة أنها، بقصتها، أدلت بدلوٍ في الجدل الدائم بشأن "الحريات" الفكرية داخل مجتمَعات لا تزال، وفي عصر تكنولوجيا النانو، تعتبر أن "الأفكار" مثل "اللحوم" يمكن أن تكون "مسمومة".

الحرية قيمة عليا، ومن يؤمن بهذه القيمة؛ سيحترم كل "ضحية" للاستعباد والقمع ولن يسمح لنفسه أن ينال منها أو يطعن في قضيتها مهما كان مبرره.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك