د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

أيهما أولى بالتضامن: أكراد تركيا.. أم إيغور الصين؟!

Saturday 28 December 2019 الساعة 09:15 am

 مبدئياً. من حق أيّ شعب في العالم، يمتلك لغةً وهوية وثقافة قومية مستقلة، وأغلبية سكانية في منطقة جغرافية محددة، حق تقرير المصير، في حال تعرض هذا الشعب للاضطهاد العنصري.

 بهذا المعيار العام. من حق الإيغور في تركستان الشرقية، والأكراد في كردستان التاريخية، وبالذات في جنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران.. المطالبة بتسويات مناسبة لمشكلتهم.. بما فيها الانفصال.

 لكن بالمعايير الذاتية الخاصة.. الأمر مختلف، ومنفصم، بالشكل الذي يجعل بعضهم مستعداً للجهاد مع تركيا ضد الأكراد، ومع الأيغور ضد الصين، والبعض الآخر للجهاد مع أكراد تركيا، وضد أكراد إيران.!

 موقف الطرفين اليوم قد يتغير غداً إلى النقيض، تبعاً لتغير مواقف القوى الدولية الكبرى التي تمارس هذا الاستلاب الأيديولوجي والاستقطاب السياسي، وتقف وراء صناعة وتوقيت مثل هذه القضايا والأزمات.

 تركيا، على سبيل المثال، مستفيدة سياسياً وقومياً من إثارة قضية الأيغور، لكنها في نفس الوقت تتحسس بشكل بالغ من أي إثارة لمشكلة الأكراد وقضيتهم العادلة التي تمثل بالنسبة لها تهديداً وجودياً لو تحقق فستصبح تركيا التي نعرفها شيئاً من الماضي.

 تبعاً لذلك تزدوج وتنفصم آراء ومواقف أتباعها في الوطن العربي واليمن، وهكذا بالنسبة لأتباع إيران. ولا شيء لوجه الله أبداً، وإلا فإثارة قضية أكراد تركيا أكثر إنسانية وأخلاقية ومنطقية من إثارة قضية الأيغور.

 بالمقارنة:
 - يشكل الأكراد الأغلبية السكانية بنسبة 80% في مناطقهم بتركيا، بينما لم تعد نسبة الأيغور تتجاوز الـ 50% في مناطقهم بالصين.

 - أغلبية أكراد تركيا مع مطلب الاستقلال، بينما كل ما نعرفه عن مشكلة الأيغور أنها تتعلق بمجاميع محددة، وعلاقتها بالأغلبية غير واضحة حتى الآن.

 -  يتمتع الأيغور في الصين بالحكم الذاتي. بعكس أكراد تركيا، الذين لا يتمتعون بهذا الحق السياسي، ولا يسمح لهم حتى بتكوين أحزاب سياسية.

 - مشكلة الأيغور ليست قومية، إذ تعترف الصين بقوميتهم، كإحدى 56 عرقية معترف بها، كما تضمن لهم الحقوق اللغوية والاجتماعية والثقافية ذات العلاقة. 

 في المقابل مشكلة الأكراد قومية، وفوق أن تركيا لا تعترف بقوميتهم لا تسمح لهم بممارسة لغتهم في النواحي الأدبية والتعليمية والثقافية، وكان مجرد التحدث باللغة الكردية جريمة جنائية حتى عام 1991.

 يمتد ويتغلغل هذا الاضطهاد القومي حد حرمان الأكراد من ممارسة عادات وتقاليد ثقافتهم الشعبية، وحق الاحتفال بمناسباتهم القومية، وحتى حرية التجول بأزيائهم الشعبية في الأماكن العامة.!

 بل وصل الأمر حد قيام تركيا بتغيير ألوان إشارات المرور في شوارعها، خلافاً لكل دول العالم، لأن ألوان إشارات المرور في النظام العالمي الموحد توافق بالصدفة ألوان العلم الكردي.!

 هذا بجانب الاضطهاد العنصري والقمع الوحشي والتشريد والتهجير القسري. الذي تعرض له الأكراد مراراً داخل تركيا، فضلاً عن الحروب التي تشنها عليهم خارجها في سوريا والعراق.

 لكن العالم بلا ضمير، وفي كل حال ستظل قضية الأكراد العادلة مجمدة، كقنبلة موقوتة في خاصرة تركيا، إلى أن يأتي عليها الدور، مع أول مشكلة حقيقية بين تركيا والقوى الدولية المعنية بتشكيل المسرح العالمي.

 أمريكا اليوم محتاجة لتركيا، في ابتزاز الصين، وتريدها أن تلعب في تركستان الشرقية، نفس الدور الذي لعبته باكستان في أفغانستان، لتمكينها من استنزاف روسيا خلال الحرب الباردة.

 ملاحظة:
 مشكلة الإيغور ليست دينية، الإيغور مكون مسلم واحد، من ضمن عشرة مكونات مسلمة، تزيد في مجموعها عن 30 مليون مسلم في الصين.