د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

إيران والسيادة العربية

Thursday 09 January 2020 الساعة 05:46 pm

 عجزت عن إصابة جندي.. وتهدد بإجلاء القوات الأمريكية من المنطقة!

مقارنةً بحجم التهديدات والمخاوف والتوقعات.. كان الرد الإيراني هزيلاً لدرجة مضحكة. علّق أحدهم: كان "قاسم سليماني" يمثل رمزاً من رموز إيران، ولذلك ردت إيران على مقتله بشكل رمزي.!

قال آخر: تمخضّت إيران.. فأنجبت هذا اللاشيء الذي عجزت ماكيناتها الإعلامية الهائلة عن تهويله، ولمداراة الفضيحة صرّح بعض زعمائها: إن الرد الحقيقي سيكون هو إنهاء التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.

هذا التهديد ليس جديدا، ويرتبط عادةً بمزايدة إيران وأتباعها بالشعارات والمشاعر الوطنية والقومية والدينية.. لإظهار مدى حرصهم على "السيادات الوطنية"، وغيرتهم على "سيادة العرب" من تواجد القوات الأجنبية.!

السؤال المهم هنا، ودائماً: هل هناك علاقة حتمية أو منطقية بين السيادة وبين تواجد أو عدم تواجد قوات أجنبية، في أي بلد أو منطقة؟!

الإجابة ببساطة: لا. لعدة أسباب:

أولاً: تواجد قوات أجنبية في بلدٍ ما. لا يعني بالضرورة أن سيادته منتقصة، كما أن غيابها لا يعني بالضرورة أنه بلد مكتمل السيادة.

القوات الأجنبية موجودة في دول ذات سيادة مثل، ألمانيا واليابان، وليست موجودة في دول منقوصة السيادة أو بلا سيادة مثل الصومال ولبنان..

ثانياً: هذه العلاقة والقضية تنتمي إلى مرحلة "الاستعمار" التقليدي، عندما كانت الدول الكبرى تنتهك سيادة الدول وتفرض تبعيتها لها، عبر "الاحتلال العسكري المباشر.

ثالثاً: في مرحلة "ما بعد الاستعمار" هذه، ما زال بإمكان الدول النيل من سيادة بعضها، بل واحتلالها، عسكرياً، بدون تواجدها العسكري المباشر، وبمقاتلين بالوكالة، من أبناء البلدان نفسها، كما فعلت إيران في اليمن والعراق.

رابعاً: في مرحلة "مابعد الكولونيالية"،" هذه، لم تعد الهيمنة والوصاية والانتداب الدولي، بما تتضمنه من النيل من سيادة الدول، مرهونة بتواجد قوات عسكرية من أي نوع، لقد أصبحت العملية تتم بوسائل اقتصادية وسياسية وثقافية.. أكثر نعومة ومقبولية.

خامساً: الأصل في السيادة هو سيادة الدولة داخل أراضيها، والحديث عن سيادة خارجية لدولة بلا سيادة داخلية، نوع من الغباء أو الاستغباء والضحك على الذقون، بالشكل الذي تفعله إيران بشأن توظيف قضية سيادة العراق.

الميليشيات التابعة لإيران تنسف سيادة العراق ولبنان واليمن من الداخل، من الأساس، من العظم.. ثم تتباكى في حال تعرضت هذه السيادات المنسوفة للانتهاك.!

بعبارة أخرى: مشكلة العراق ومثلها اليمن ولبنان وسوريا، حالياً وحتى إشعار آخر، هي أنها دول بلا سيادة، بسبب المليشيات التابعة لإيران، والتي هي بمثابة دول داخل هذه الدول.

عندما تُحل هذه المشكلة، يمكن لهذه الدول حينها فقط "التصرف بشكل حر مستقل، بعيداً عن الإملاءات الأجنبية والتبعية الخارجية".. وهذا هو المعنى الحقيقي للسيادة الدولية، وهو -كما سبق القول- قد يتحقق بوجود أو غياب قوات أجنبية.