في المواقف الكبيرة تظهر الحقائق وتبرز معاني الأخوة والترابط، وفي ذروة السقوط للدولة في اليمن كانت الإمارات تتهيأ للقيام بدورها الأخلاقي والإنساني، دون البحث عن شكر أو امتنان، حشدت إمكانياتها، وفتحت مجالها الجوي لخطوط الطيران لنقل الإغاثة والخدمات الطبية لليمنيين، وساهمت في ضرب أوكار الإرهاب وأوجعته.
احتفلت الإمارات بعودة أبنائها من المعارك في اليمن، احتفال سبقه النصر الذي صنعوه بدمائهم، وتضحياتهم التي لن تستطيع حتى الشمس نكرانها.
تحملت الإمارات المسؤولية الأخلاقية وأرسلت أبناءها للقتال إلى جوار إخوانهم في اليمن، واختلط الدم الإماراتي بالدم اليمني، وأُوثقت عُرى الأخوة والعروبة والانتماء الإنساني في لوحة عجيبة أخبرت كل العالم أن في الأوقات الحرجة والصعبة تكون الإمارات في رأس المواجهة والدفاع عن القيم الإنسانية دون تردد.
لم يكن الدعم العسكري هو الوحيد الذي قدمته الإمارات لليمنيين، مع كل معركة عسكرية كان هناك معركة إنسانية، ومعركة تنموية، ومعركة طبية، ومعركة تأهيلية، ومعركة خدمية، ومعركة تعليمية، ومعركة تنويرية، لم يقتصر التعاون والدعم في جانب واحد، ولم يكن هناك في خضم هذه المعارك إلا تحقيق لرؤية قادة الإمارات الإنسانية في كل الشعوب.
رأينا شهداء الإمارات يفدون تربة اليمن في مواجهة الإرهاب، في مقابل تلك الدماء رأينا التنمية في المدن المحررة، المدارس أعيد تأهيلها فعاود الطلاب الدراسة بابتسامة المستقبل، والخبز يصافح أفواه الجياع بامتنان لرجال الهلال الأحمر الإماراتي، والمياه تسلك في الأنابيب لكل بيت، والمشاريع التنموية التي خدمت المجتمع، وكأن الإمارات تقدم دعمها السخي لمواطنيها في الإمارات وليس لإخوانهم في اليمن.
تشكلت لُحمة التعاون الإنساني للإمارات في اليمن، وتنوعت مهام أبنائها في تقديم العون بسخاء كبير، وصنعت جداراً منيعاً أمام الأمراض والأوبئة التي تفتك بالناس عند انهيار الدولة وتوقف الخدمات، إننا أمام عجز كبير عن الشكر والامتنان لهذه الدولة التي مسحت العناء والعذاب عن كواهلنا.
سيبقى خير الإمارات مقيماً في بلادنا، ولن يندثر أو ينتهي، لم ننس ولم ينته دعم الشيخ زايد، لا يزال سد مأرب يذكّرنا بهذا الدعم ولا تزال المشاريع تدل على الأثر الطيب والمستمر لهذه الدولة.
إننا كيمنيين لن ننسى ما قدمته لنا دولة الإمارات في كل المجالات، وأي دعم أكبر وأعظم من أن تعطي بسخاء دم أبنائها نصرة لإخوانهم وتعزيزاً لقيم المحبة والأخوة والعروبة ومحاربة للإرهاب والتطرف.
الأجيال ستبقى تتحدث عن المدارس التي تعلمت فيها بعد تأهيلها، والمراكز الطبية ستبقى مأوى المكلومين والبسطاء ولن تنسى أن الإمارات هي من أنشأتها، الطريق والغذاء والبناء و... و... الخ، كل شيء يشهد أن الخير سيبقى ويدوم وأنه عادة إماراتية لن تتخلى عنه.
من يعتقد أن الإمارات رحلت من اليمن فهو واهم، ليست ممن يتخلون عن قيمهم وأخلاقهم، لن يرحل خيرها ومشاريعها الإنسانية والإغاثية، ولن تتخلى عن أحلام الناس ومساعدتهم، ولن تترك فرصة للإرهاب يستعيد قواه، هي ملتزمة بكل القواعد الأخلاقية والإنسانية.