عبدالفتاح الصناعي
في ذكرى العاصفة الاستراتيجية السعودية الجديدة للزحف نحو السلام
بعد تجربة طويلة ومريرة في مغامرة السعودية بالحرب من حيث المبدأ العام ومن حيث التفاصيل والأخطاء الكبيرة والكارثية، لا شك بأن إحساس الإخفاق مؤلم وبأنها تحاول تصحيح وتغطية هذه الأخطاء بكل ما أمكنها من الطرق والأساليب الممكنة، وقد تخطئ هنا وتصحح هناك.
على كل، فقد كان بروز الأمير محمد بن سلمان، واستراتيجيته التغييرية على المستوى الداخلي والخارجي نتاجا عن الشعور العام لهذا الإحساس داخل الأسرة السعودية، بأن إنقاذ السفينة يقتضي بالضرورة تغيير سياساتها.
ربان جديد يفاجئ الجميع برؤية مستقبلية تحديثية، مندفعا بسرعة هائلة في تنفيذها. لأول مرة شاب يتولى القيادة بهذا العمر داخل الأسرة وبهذا الفكر المختلف.
على المستوى الداخلي كان التغيير فوق المتوقع وصادما للجميع من حيث جرأته وجديته في تحقيق إصلاحات كانت مستحيلة أو شبه مستحيلة.
على مستوى السياسة الخارجية أهم ما في الأمر كان إعادة التوجه مع التحالف العربي مع مصر والإمارات، بدلا عن التوجه الذي كان يتجه نحو قطر وتركيا.
في الملف اليمني ظلت التغييرات طفيفة جدا، إلا ان الاتفاق بين الشرعية والانتقالي قد يمثل معلما واضحا لهذا التوجه، من حيث انه فاتحة لسياسات جديدة تنتهج أحداث الاتفاقات والمصالحات بدلا عن تغذية الصراعات والانقسامات.
مع كل المخاطر التي ما زالت تحدق بهذا الاتفاق، فانها سوف تتلاشى حين يكون هذا الاتفاق خطوة أولى في طريق مسار جديد بطريقة تتعامل مع الأحداث السياسية، بتغيير جذري للطرق السابقة التي أثبتت فشلها. والمضي المتدرج في طريق رؤية عامة لسلام شامل وكامل في الملف اليمني.
أيضا كان من ضمن التغييرات الطفيفة المجيء برئيس وزراء شاب بدلا عن عجائز الشرعية المترهلة، بحيث كان أداء حكومة معين أقل في تأجيج الوضع والصدامات مقارنة باستفزازات سلفه ةبن دغر.
فالمضي بهذه الطريقة بإعادة ترميم الشرعية بالدماء الجديدة وإزاحة العجائز عن المشهد والسيطرة، سينهي الكثير من دوامات التعقيدات والتعثرات والاخفاقات ويفتح آفاقا للحلول وإنجاح خطوات السلام المتدرجة وصولاً للسلام العام.
في معركة السلام العام شهدت الفترة الأخيرة توجها سعوديا مختلفا، وهذا يحسب لها إن كان هنالك منطق سياسي جديد تتعامل به اليوم، متجاوزة تعثراتها بأخطاء الأمس من جميع النواحي.
خلاصة.. السلام والنجاح والتصحيح الذي ينبغي أن تمضيه السعودية، هو حزمة استرتيجية متكاملة بتغيير تعامل السعودية مع الملف اليمني من حيث: الذهنية السياسية، وإصلاح وترميم الشرعية من داخلها، وجسر الفجوات بين الفرقاء، وإصلاح الأخطاء الكبيرة، ومراكمة النجاحات الحقيقية وإن كانت صغيرة.
أخيرا.. تعليق العمليات العسكرية وإمداد اليمن بكل احتياجات الوقاية والاستعداد لمواجهة وباء كورونا سيكون خطوة عظيمة ضمن خطوات السلام والتغيير.