د. صادق القاضي
وهكذا.. بالَ "شوقي القاضي" من فم "علي المعمري"!
في الوضع الطبيعي. كان يُفترض أن يقوم "شوقي القاضي" لا "علي المعمري" بفتح ملف النازحين اليمنيين في الحجرية، والمطالبة بترحيل هؤلاء "المستوطنين الأجانب" الذين يهددون البنية الديمجرافية للمعافر.!
لكن هذا النائب الإخواني -رغم وقاحته وبذاءته المعهودة. ورغم كون هذه القضية بمرجعياتها وأهدافها قضية إخوانية خالصة- لا يريد أن يُحسب عليه تصريح صفيق بمثل هذه الدرجة الفاضحة.
بدلاً من ذلك.. استعان بالنائب "على المعمري". القضية أكبر من الرجلين: "علي المعمري". ليس أول من أجّر فمه للإخوان، و"شوقي القاضي" ليس أول إخواني يتغوط من أفواه الآخرين.
من جهته. ينتمي "شوقي القاضي" إلى تنظيم حريص بطبعه على تجنب المواجهة والمسئولية المباشرة، واعتاد على التحكم بالمشهد من خلف الكواليس، والمطالبة بمصالحه من خلال الآخرين.
وبدوره. "علي المعمري"أو "علي الديمجرافي" كما بات يسمى من حينه. يمثل أداة مستلبة لهذه الانتهازية. كعينة من لوبي سياسي وإعلامي كبير داخل "المؤتمر الشعبي العام".
الظاهرة عامة. ولها حضورها الأوضح والأسبق والأقوى لدى "الحزب الاشتراكي اليمني" المخترق والمنخور لدرجة الضياع والاستلاب والتبعية شبه التامة لجماعة الإخوان.
كذلك معظم الأحزاب والمكونات اليسارية والوسطية بدرجات متفاوتة.. فضلاً عن عناصر ولوبيات مستقلة في الأوساط والكيانات المدنية، وأحزاب مدنية يفرخها الإخوان بين فترة وأخرى.
هل نتحدث هنا عن الإخوان كقوة كبرى تحكم اليمن وتتحكم بكل شيء وتسيطر على الحياة السياسية بشكل كامل.!؟
لا بالتأكيد. فقد خسرت الكثير، وهي في طريقها ربما لخسارة كل شيء رغم تمكنها من اختراق الكيانات الأخرى، وخبرتها في تأليب القوى الوطنية ضد بعضها، وبراعتها في تمويه مشاريعها بمشاريع الآخرين.
مقام المقال هنا هو فقط تأكيد المؤكد بشأن الإخوان الذين، رغم كل شيء، يحسبون حساب الرأي العام والتاريخ، ويحاولون قدر الإمكان التنصل من تحمل التبعات المباشرة لأعمالهم.
لذلك يقومون بالتخفي خلف كيانات وكائنات بديلة، واستئجار أدوات لممارسة المهمات القذرة. قفازات معتمة للطعنات الغادرة، وأقنعة جامدة للتصريحات الصفيقة.
وكما يحكمون الشوارع بالبلاطجة ويقاتلون في الجبهات بالمرتزقة. من خارج كوادرهم. يصطنعون هذه الأدوات المستقلة والمدنية وحتى العلمانية بل حتى بعض الملاحدة.. في السياسة والإعلام لفعل ما لا يُفعل، وقول ما لا يقال.
ولحساب المستقبل. فإن فسادهم المالي والإداري طوال هذه السنوات العصيبة ستتحمله "الشرعية"، وجرائم ميليشياتهم المسلحة في الجبهات والمدن والشوارع مسجلة مسبقاً باسم المقاومة والجيش الوطني.!
يمكن لأي إخواني مستقبلاً أن ينفي علاقة "حزب التجمع اليمني للإصلاح" بما يحدث حالياً. تماماً كما تنصلوا من مسئولية شراكتهم مع النظام السابق طوال معظم عهد الرئيس السابق.
صحيح. هذا لا ينطلي على أحد. لكنه كافٍ للاستهلاك الذاتي على الأقل لإقناع أعضاء حزب الإصلاح الذي هو نفسه. مجرد غطاء سياسي محلي مرحلي فضفاض لتنظيم دولي يمكنه في أي وقت التبرؤ منه ومن خطاياه التاريخية.
بل حدث مراراً أن تبرأ قادة هذا الحزب في مناسبات حرجة من علاقته بالإخوان، كفكر وسلوك ذرائعي يتجسد حتى لدى الأعضاء والناشطين العاديين الذين يتبرأون غالباً وفي الأوقات العادية من حزبهم باعتبارهم لا ينتمون إليه.. لكن يحبونه.!