عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

بعد المدينة والحجرية.. مجازر الإخوان تصل عمق جبل حبشي

Tuesday 11 August 2020 الساعة 06:21 pm

تثبت الأيام أن جماعة الحشد الشعبي تتوسع في خارطة الصراع الداخلي بعد أن فتحت بالأمس صراعاً مسلحاً في منطقة جبل حبشي، ومعارك دامية بين بلاطجة الجماعة داخل المدينة، مع استمرار للمناوشات في مناطق من الحجرية.

لم تبق قرية أو منطقة لم تطلها يد مليشيات العار الإخوانية.

صحيح أن الجماعة تسقط كل يوم بتراكم نقاط الفساد والدم، لكنها تسقط معها عشرات الضحايا.

إن متابعة سريعة لحصيلة الشهرين الماضيين لعدد الضحايا، مدنيين وعسكريين، في مواجهات متفرقة لا يزال بعضها حتى اليوم، بالإضافة إلى حوادث قتل واغتيالات هنا وهناك تعطي أرقاماً فاضحة تصل إلى أكثر من 46 قتيلاً، وأكثر من 100 جريح في النطاق الذي تسيطر عليه الشرعية اسماً والإخوان كسلطة أمر واقع.

لقد تشكلت هذه السلطة كوجه آخر للحوثي، إن لم تكن أكثر قبحاً، وهي كذلك الوجه الآخر للفساد والاستبداد والقبح الإنساني ومظلة من مظلات الإرهاب النوعي فكراً وممارسة.

فبعد أن وصل الأمر لملاحقة نشاطي وسائل التواصل الاجتماعي من المواطنين العاديين بعد إخلاء المدينة من كل قادات الرأي والتعبير، بالإرهاب أو التصفية أو الاختطاف، وتم تشكيل مافيا فساد جديدة تتمثل في تجارة وبيع الإغاثة، وتهريب السلاح، ونهب موارد الدولة، وفتح محلات صرافة وجامعات ومدارس خاصة تتمتع بامتيازات لا محدودة، وتقام في مقرات ومؤسسات الدولة التي هي ملك الشعب، ومن خلال دعم التحالف والحكومه يتم إثراء أشخاص وقيادات الحشد الشعبي وحرمان الجرحى والمرابطين في الجبهات من حقوقهم، والذهاب إلى معارك استنزاف واضح أنها تخدم المشروع الإيراني وتتماهى مع أطماع الأتراك.

في الحقيقة ليس هناك جيش وطني في تعز، كل ما في الأمر هو عبارة عن جماعات مسلحة تحت مسمى جيش وطني بتشكيلات وهمية لا علاقة لها بالجيش ولا بالوطنية، وإنما تتبع جماعة الحشد وأدوات المقر، مع بعض الهامش لأفراد لا يتبعون الإخوان من باب الحذلقة وإعطاء تغطية أن الجيش فيه من شباب تعز، وأدل على ذلك أن ضباط الجيش خارج الجيش تماماً، إلا في تشكيلات اللواء 35 وبعض تشكيلات الشرطة العسكرية والقوات الخاصة رغم اختراق هذه القوات الثلاث من الحشد الشعبي بطرق مختلفة، ومضايقة عملها ومحاولة السيطرة عليها وابتزازها بالدعم المخصص لها وتأجيله؛ لأنه يأتي عبر المحور، والمحور خاضع لسيطرة المقر وأوامره اليومية.

إن المسمى الحقيقي الذي ينبغي أن يطلق على هذه المجاميع التي تتقاسم النهب والفيد هي أنها مؤخرة الجيش التركي في اليمن وقواعد غير معلنة لدويلة قطر.. هذا باختصار شديد الوضوح دون مخاتلة ودون ترويض للألفاظ.

ومما زاد الطين بلة، في ظل دوامة الفوضى التي تعيشها المدينة كنتاج طبيعي لهذه السلطة المليشاوية؛ تشكلت عصابات بسط على الأراضي بطريقة متسارعة، لا سيما أملاك المغتربين والمعارضين، ويتم ابتزاز البعض بدعوى الحماية وغير ذلك ومقاسمة آخرين أملاكهم.

ومن المضحك أن بيوتاً في تعز للمغتربين يتم تأجيرها من هذه العصابات واستلام الإيجار دون أي خوف أو خجل.

وباختصار شديد، إن سلطة الأمر الواقع تعزز تواجدها من خلال قيادة المحور والسلطة التنفيذية والأمنية والعسكرية، وتعمل على تحويل تعز إلى إمارة خالصة للإخوان بقوة السلاح والإرهاب.

مدينة كاملة تُحاصر من الخارج، وتسرق من الداخل، وتصمت الحكومة والرئاسة على ذلك صمتاً ليس له مبرر سوى الخضوع لمقايضات ثمنها تعز ومدنيتها.

لم يعد هناك من مؤسسة يمكن الوثوق بها أو مخاطبتها لإنقاذ تعز المدينة غير البرلمان من باب الإفراط في التفاؤل حتى يثبت العكس، ونقبره ونصلي عليه حينها.

لذلك على البرلمان أن يضع ملف الفساد وما يحصل في تعز من أولوياته، وأن يسعى في التواصل مع التحالف لفتح كل تفاصيل ملف تعز لا سيما العسكرية والأمنية منها، كون البرلمان المؤسسة الوحيدة التي يمكن أن يعول عليها في ظل فقدان الثقة بمؤسسات الدولة الكبرى، لا سيما وأكبر كتلة فيه من تعز، ما لم يقم بذلك كأقل واجب يكون وجوده عدماً.

ونضع بين يدي البرلمان هذه الأسئلة البديهية:

هل من الحكمة محاربة مليشيات واستبدالها بأخرى؟

وما هو الدور المناط به مما يحدث في جبل حبشي والحجرية المدينة؟

ومتى نسمع صوتاً وفعلاً لأعضاء البرلمان الذين استأمنهم الشعب على الحديث والتحرك باسمه؟

هل يمكن عمل أدوات رقابة لنهب الموارد والدعم؟

معظم السلاح يذهب للبيع والمخازن، ومعظم الدعم المخصص للجبهات والجرحى يسرق عبر جمعيات ومؤسسات خاصة؛ وتفتح به جبهات صراع داخلي يستنزف الشرعية والتحالف، فيما المدينة تصارع الفقر والعصابات والأمراض.

هذا هو دور البرلمان الذي نأمل وننتظر حتى حين، بعد أن يئسنا من مؤسسة الرئاسة في فعل شيء، وأما الحكومة فهي اسم ممنوع من الفعل والصرف والبسط.

لكن يبقى بأيدينا جميعاً سلاح مهم هو استمرار حملات فضح جماعة الحشد وخلايا الإخوان، وهو السلاح الذي يعول عليه، وقد أثبت فعاليته، وهو ما ينبغي السير فيه بكل الوسائل المتاحة.. مع تحشيد القوى في جميع المناطق والأرياف لتفتيت مراكز قواهم وخلاياهم العاملة منها والنائمة.