عبدالحليم صبر

عبدالحليم صبر

تابعنى على

قطر والسعودية.. اضطراب في العلاقة وتنافس على الزعامة

Wednesday 06 January 2021 الساعة 04:27 pm

ظلت السيادة القطرية تتنقل بين آل ثاني والسعودية وآل خليفة البحريني إلى 1868م حتى حصل اتفاق نفس العام يقضي بأن تبقى السيادة القطرية تحت حكم آل ثاني التي رضخت للحكم العثماني ثم بفعل التهيئة الكبرى لخارطة الحرب القادمة تحولت قطر إلى مستعمرة بريطانية حتى حظيت باستقلالها عام 1971م. 

ثم جاء خليفة بن حمد بعد أن خلع ابن عمه في 22 فبراير 1972م الذي اتخذ نفس السياسة السعودية تجاه كل القضايا المتعلقة بالخليج وأيضاً ما يتعلق بالنظام الإيراني حتى كانت قطر إلى جوار السعودية من ضمن المؤسسين لمجلس التعاون الخليجي، 25 مايو 1981م.

مع ظهور النفط بدأت تؤكد قطر على أحقيتها في السيادة وظهر غاز الشمال الذي غير مسار العلاقات السعودية القطرية ثم تسبب أيضا في انقلاب ابيض داخلي 1995م بعد وعود حمد للايرانيين بمكاسب الغاز ثم بالمقابل مد انبوب مياه من إيران إلى قطر بمبلغ 15 مليار دولار.

ومن أجل رضا أمريكا في هذه العلاقة التي من خارج حساباتها كسبت قطر لإسرائيل وتعهدت لهم في توفير الغاز وباسعار معقولة، بعدما افتتحت قطر مكتب التبادل التجاري مع إسرائيل.. 

في حينها طلبت قطر في عهد خليفة من الحكومة السعودية السماح لها بمد أنبوب غاز إلى إسرائيل عبر أراضي المملكة العربية السعودية باستخدام جزء من خط التابلاين التي انشأته السعودية والذي كان ينقل البترول إلى لبنان ووقف العمل به مع الاجتياح الإسرائيلي للجولان ومن ثم لبنان في الثمانينات على أن يتم تحويلة إلى ميناء صيدا..

رفضت السعودية ذلك الطلب..

اشتد الخلاف أكثر مع دخول الألفية الثالثة واتهامات متعددة حول الدعم الإرهابي.. خصوصا بعد أحداث سبتمبر وأحداث ينبع التي قام بها مسلحون في مايو 2004م لمقر شركة ipp السويسرية للمعدات الكهربائية ووفاة 7 أشخاص، وأيضاً جميع المهاجمين، وهو ما أثبتت قائمة الادعاء بأن هناك ارتباطا بين الخلية وسعد الفقيه ومحمد المسعري، يلي ذلك التصريح الشهير لوزير الخارجية السابق أمير الفيصل الذي قال إن سعد الفقيه هو العقل المدبر لعملية ينبع. 

بعد هذه العملية ذهبت قناة الجزيزة لاستضافة سعد الفقيه المتورط في محاولة اغتيال الملك عبدالله باعتراف العمودي المسجون حالياً في اميركا وهو الذي الذي يدير الحساب الشهير في تويتر "مجتهد".. ثم محمد المسعري الذي تحدث واعترف مفتخراً في المقابلة أن أحد المنفذين تواصل به قبل الهجوم.

غضبت السعودية واعتبرت هذا العمل منافسة جديدة للزعامة في المنطقة خصوصا في عام 2006م التي اظهرت قطر دعمها لإيران بتصويتها ضد قرار مجلس الأمن الذي دعا إيران لوقف برنامج تخصيب اليورانيوم. 

السعودية كثفت ضغطها على قطر خلال تلك الفترة وسحبت سفيرها في محاولة من السعودية للضغط عليها بعدم التدخل في النزاعات الإقليمية..

بقت العلاقة بين مد وجزر خلال السنوات الاخيرة حتى اندلع الربيع العربي التي ظهرت فيه قطر بقوة بأدواتها الناعمة "الجزيرة" في تأجيج الأوضاع خصوصاً في البحرين، والذي اعتبرته السعودية خطرا يهدد الخليج.. بالتزامن مع تقديم الدعم الكبير للإخوان المسلمين ولا سيما حماس المقربة من إيران. 

وفي سوريا بعد دخولها دوامة العنف حصل نوع من التقارب اتفقت الدولتان على دعم الفصائل المسلحة لإسقاط بشار الأسد.. لكن قطر اتخذت مسارا آخر بدعمها فصائل جهادية وعلى رأسها تنظيم القاعدة (جبهة النصرة).

تخلى أمير قطر لابنه تميم الذي سار على نهج والده.. سهل هذا التنازل للجماعات الجهادية في الحصول على المزيد من الدعم حتى تحولت قطر مؤخراً مقرا للإخوان المسلمين، بالتزامن مع دعمها اللا محدود لإيران.. في المقابل تقديم الدعم للإخوان في مصر ثم لحكومة الوفاق في ليبيا.

وصل سلمان 23 يناير 2015م لسدة الحكم مع ولي عهده محمد بن سلمان الذي جاء برياح التغير، ومعه ظهرت العلاقة مع قطر بطبيعتها حتى شاركت قطر السعودية في حربها باليمن ضد الحوثيين.. ومن ثم أيدت موقف المملكة بقطع العلاقة مع إيران في 2016م بعد هجوم متعمد نفذ على سفارتها في طهران..

وفي عام 2017م الذي زاد فيه شدة التوتر أكثر بعد ما ظهرت عدة تقارير تؤكد تورط قطر مع الإرهاب.. خصوصا الوثائق الايرانية التي سربتها صحيفة انترسبت The Intercept مؤخرا والتي حصلت عليها من جاسوس عراقي كان يعمل في وزراة الداخلية الإيرانية.. كشف فيها عن اجتماع اعضاء الحرس الثوري ممثلا بفيلق القدس مع اعضاء تنظيم الإخوان المسلمين عام 2014م في تركيا وكان الهدف من الاجتماع استهداف السعودية وانهاكها عبر العمل مع الإخوان والحوثيين في اليمن.

في 20 مايو 2017م أعربت قطر عن استغرابها للاتهامات لها بدعمها للإرهاب... وبعدها بيوم حضرت قطر القمة العربية بالرياض التي افتتحها الرئيس الامريكي ترامب والذي تحدث عن إيران وحماس وحزب الله باعتبارهم تنظيما إرهابيا، وفي نفس الجلسة دعا الرئيس السيسي في حديثه إلى مواجهة الدول التي تدعم الإرهاب مما أثار حفيظة قطر من كل القمة.

وفي 24 مايو تفجرت الشرارة حيث نشرت الوكالة القطرية تغريدات منسوبة لوزير الخارجية القطري تحدث فيها عن مؤامرة ضد قطر من قبل دول الخليج ومن ثم سحبت سفراءها منها.. لتعود الوكالة وتنفي تلك التصريحات وتقول إن حساب الوكالة تعرض لأختراق من قبل مجهولين.

وما هي إلا أيام حتى أعلنت السعودية قطع العلاقة مع قطر وبعدها بأيام الإمارات ومصر والبحرين معلنين إغلاق كل المنافذ البحرية والبرية والجوية، وهذه الخطوة تم تأييدها بشكل غير مباشر من ترامب في حديث له أن قطر ممولة للإرهاب على أعلى مستوى..

في المقابل رتبت قطر مع إيران وتركيا ومن ثمة الترتيب على المستوى اليمني بإنشاء قنوات إعلامية تستهدف دول المقاطعة ودعما لمعسكرات متعددة منهم إنشاء معسكرات داخل التحالف العربي مثلا في تعز وشبوة. 

الآن من جديد تتصالح الرياض مع الدوحة، لكن إلى أي مدى سيظل هذا التصالح، وهل سيطوي ملفات الماضي، وكيف ستتعامل قطر مع العناصر الإرهابية المطلوبة لدى السعودية، وقائمة الطلبات التي تقدمت بها السعودية، وما هو سقف التصالح الذي سيمكن الدولتين من ترميم صراع دام عشرات السنين.. وكيف يمكن لليمن أن تستفيد من هذا التصالح؟؟