لم تقتنع قيادات حزب الإصلاح اليمني -الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن- بما ارتكبته في حق الشعب والوطن منذ إعلان قيام الحزب في 1990، ولم تكتفِ بما نهبته من خيرات وثروات الوطن شمالاً وجنوباً، وما زالت تصر على استكمال تجريف ما تبقى من خلال سيطرتها على المشهد السياسي اليمني منذ 2012 وحتى اليوم، معتبرة ذاتها الأحق والأجدر بقيادة الوطن والتحكم في حاضره ومستقبله، رافضة أن يشاركها أحد رغم ما أظهرته الأيام من فساد وفشل لم يسبقها إليه أحد.
فروح الأناء والإقصاء التي تسيطر على حزب الإصلاح قيادةً وقواعد، ما كان لها أن تتقبل بشريك سياسي من أي طرف من الأطراف السياسية الأخرى، وعقلية التآمر والخيانة تمنعها من أن تتقبل أي شريك كذلك في الميدان العسكري، الأمر الذي جعل ميدان المعركة عنواناً للفشل والفساد والانتهازية طيلة 6 سنوات من دعم دول التحالف لهذه المعركة المصيرية في حياة اليمنيين جميعاً.
ست سنوات من الدعم والإسناد الذي قدمته دول التحالف لقيادة "الشرعية" المسيطر عليها من قبل الإصلاح، كانت كفيلة بتحرير بيت المقدس وليس اليمن فقط، فاليمن وما تمر به من إرهاب وفاشية حوثية لا يريد سوى قيادات صادقة وشرعية مخلصة، وأطراف سياسية فاعلة مؤمنة بالوطن، حتى يتم الخلاص وإلى الأبد من هذا الشر المطلق في الشمال، إلا أنه وفي ظل وصول الدعم والإسناد إلى "ثقب الإخوان" تبخرت كل الأموال والأسلحة، وتحولت بقدرة "نائب" إلى أموال مستثمرة بين عواصم الدول العربية والإسلامية، وهذا ما اعتادت عليه جماعة الإخوان عبر تاريخها الطويل في استثمار مآسي الأوطان والشعوب.
منذ عام وأكثر ودول التحالف تحاول جاهدة تعديل وإصلاح عوار "الشرعية" التي استأثر بها الإصلاح، ووضعوا النتائج الكارثية التي وصلت إليه مسارات المعركة في اليمن، ليكتشفوا، ولو متأخراً، أن سر الفشل يكمن في "الإصلاح"، لتبدأ معه حملة ضغوط على رأس الشرعية ونائبه وقيادات الإصلاح حتى يتم تشكيل حكومة وطنية "تشاركية" تفسح المجال للقوى والتيارات الأخرى بالعمل على ما يحقق أهداف المعركة ويوحد الجهود نحو النصر والوصول إلى المستقبل الذي يتطلع إليه اليمنيون في عموم محافظات الجمهورية، إلا أن الإصلاح وكعادته وجه ناشطيه وكتابه وقواعده بشن هجمات إعلامية نحو دول التحالف العربي تارة، وشيطنة التيارات السياسية والعسكرية الأخرى -المجلس الانتقالي وقوات المقاومة الوطنية- من جهة أخرى، في دليل واضح على انزعاج الحزب وعدم قبول قياداته بأي مشاركة، فالوطن لا يعدو سوى مزرعة خاصة بهذه الجماعة المفسدة.
وها نحن اليوم، ما زلنا نعيش فصولاً من التنمر والتدليس الإخواني، والحملات الإعلامية ضد هذا الطرف أو ذاك، رغم تكشف الحقيقة أمامهم، بأنهم أضعف من أن يتم الاعتماد عليهم، وأنهم مجرد نمر من ورق، وغول فساد يتحرك نحو الجنوب والشمال على السواء لنهب وتدمير ما تبقى، فالحرب لهم باب رزق ليس إلا، ولن يقبلوا بوقف الحرب أو الانتصار فيها، ولو سخروا في سبيل ذلك القاعدة وداعش للإضرار بأي قوة تكشف فشل الإخوان.
ولا بد أن نفهم أنه ليس من باب المصادفة أن تتعرّض محافظة أبين لهجوم إرهابي، صبيحة اليوم التالي لدعوة السعودية لعقد اجتماع عاجل بين طرفي اتفاق الرياض عملًا على استكمال بنوده، فهناك من يسعى جاهداً عبر إعلامه وأدواته المختلفة لإثارة استفزاز الجنوب عسكريًّا، وإفساح المجال أمام موجة جديدة من المواجهات العسكرية المحتدمة بما يجهِض آمال تحقيق الاستقرار السياسي والعسكري المنشود من وراء اتفاق الرياض.
وما وقوف تنظيم القاعدة وراء شن هذا الهجوم إلا دليل واضح على حجم التخادم والعلاقات الخبيثة التي تجمع بين هذا التنظيم وجماعة الإخوان بالإضافة إلى جماعة "الحوثي" التي توظّف كل فكر وعمل إرهابي وتآمري وتخويني للعمل على خدمة مصالحها القائمة على استهداف اليمن في الشمال والجنوب على حد سواء.