حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

اليمن.. كوارث الحرب وآمال السلام

Tuesday 23 March 2021 الساعة 05:48 am

يريدون إقناعي أن الحرب ضرورة وطنية.. مستعد للاقتناع بالشروط التالية:

1- أن يقدموا كشف حساب حول الحرب طوال السنوات الست الماضية، وسبب اخفاقهم في حسمها رغم الثمن الإنساني العالي الذي تجرعه المواطن اليمني.

2- أن يوضحوا لنا ما الجديد الذي سيقدمونه على الجبهات، وكيف ستنجح المعارك الجديدة فيما فشلت فيه معارك السنوات الست، وما هي عوامل النصر؟.

3- أن يقدموا جدولا تقريبيا للفترة الزمنية التي سيحسمون فيها الحرب: شهر، سنة، عشر سنوات، قبل يوم القيامة باسبوع... مع توضيح المعارك والمنعطفات الرئيسية حسب خطة عسكرية واقعية.

4- أن يكونوا في الجبهات ببنادقهم وتضحياتهم، أما حروب الفنادق والطيرمانات فأنا كفيل بها وشجاعتي فيها تفوق شجاعة الزير وعنترة.

* * *

في بداية الحرب كان الأغلبية يتوقعون أنها لن تتعدى الشهور، وكنت متشائما وتوقعت انها ستستمر خمس سنوات، لكن الواقع كان أسوأ من كل توقعاتنا.

عرف اليمنيون الحرب في أغلب فترات حياتهم، لكن هذه الحرب مختلفة.. إنها أول حرب شاملة لا تستثني مدينة أو ريفا، وتمس بآثارها الكارثية كل مواطن.

إضافة إلى شموليتها، قد تكون واحدة من أطول الحروب في تاريخ اليمن.

قلصت العولمة المسافات، جعلت الأفكار والمنتجات تصل بسرعة لكل بيت، ومن أراد الحروب في عصر العولمة فهي أيضا قادرة على قرع باب كل منزل.

تطحن الحرب اليمنيين وتعيد تشكيلهم من جديد مثلما لم تشكلهم أي قوة من قبل.. تعمل كفرن عالي الحرارة يحرق ويذيب ويعيد سبك الاشلاء المحترقة في مركب جديد فيه كل آلام وصرخات القديم.

آثار الحرب الكارثية ليست في الجبهات، إنها خلف جدران البيوت المغلقة والمحاصرة بالجوع والخوف.

* * *

وفي زمن الحرب يأتي من يبتزك بدماء الشهداء..

تجد من يقول لك إن اعتراضك على طريقته أو سياسته جريمة لأنه ضحى بأرواح الشهداء من أجلها! "لقد قدمنا آلاف الشهداء من أجل القضية"!!

من أين قدمتهم؟

هل قدمتهم من خزنة الوالد أو من دولاب الوالدة؟ أم أنك استغفلت الفقراء والبسطاء وضحيت بدمائهم وأرواحهم من أجل مصلحتك؟

ويأتي خصمه ليقول لك إنك لا تحترم دماء الشهداء ولا تضحياتهم.."لقد قدمنا أرواح الشهداء رخيصة وسنقدم المزيد"..

هكذا يتبجحون..

نعم هي "رخيصة" عندكم لأنها دماء فقراء ومغلوبين وأميين ليس لديهم خيار قول: لا!

لكن من أنت حتى تقدم أرواحهم وتضحي بها وتتحدث عن تقديم الأرواح كأنك تتحدث عن تقديم كيس بطاطا أو طبق بيض!

إذا كنت تحترم دماء الشهداء فعلا فتوقف عن إرسال المزيد من الأحياء إلى المقابر...

لا تقاس عدالة القضية بعدد من ماتوا من أجلها، بل بعدد من أمنت لهم حياة كريمة وآمنة..

وليس هناك تجارة أوسخ من التجارة بأرواح الناس.

*جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك.