الوطن إيمان لا يتزعزع في قلوب الأنقياء، تصغر أمامه وفي سبيله كل التضحيات، كما هو التمسك بقضية وجودية والكفاح لاجلها إيمان لا يخالطه ريب، ولا تدفع إليه مصلحة شخصية أو حزبية، وبذلك يخلد المرء نفسه بشرف الانتماء الصادق والتضحية التي لا تعرف حدودا، ولنا أن نتأمل في ما قدمه المناضل الشهيد وابو الشهداء يحيى الشوبجي.
لقد قدمت المحافظات الجنوبية هامات كبيرة، وتضحيات جساما في سبيل ما تؤمن به وما تنتمي إليه، ورفضت الذل والمهانة التي يفرضها الحوثيون على محافظات الشمال وقياداتها العسكرية والاجتماعية التي لطالما انتفخت واغترت، وغررت بالمجتمع الذي كان يراها هامات وقامات لا تقبل الضيم، إلا أن الواقع أثبت أنها في الغالب ليست سوى فقاعات صوتية، وشخصيات اتبعت مصالحها وتناقضت مع القيم الوطنية التي استرزقت بها في السابق، وتخلت عن الكرامة والوطنية ورمتها تحت أقدام الكهنوت الحوثي مقابل ثمن بخس، واحترام مزيف انتهى بمجرد انتهاء الحوثي من استخدامهم لمآربه.
يا ترى ماذا ستقول شخصيات المحافظات الشمالية المنتفخة بعنترياتها، وبماذا ستبرر قيادات الشرعية المرتهنة للراحة والفساد والخطابات والبيانات، أمام تضحية رجل كبير السن بحجم الشهيد الشوبجي، الذي رفض أن تدنس الحوثية بلاده، وتقمع حريته وتمسخ ثقافته وتقدمه لقمة سائغة للمشروع الحوثي، وفي سبيل تلك الروح الحرة والارادة الوطنية قدم اثنين من أبنائه شهداء، وبدلاً من أن يتخاذل ويقول قدمت ما لم يقو هادي وعلي محسن وكثير من قيادات الدولة على تقديمه ويكتفي، إلا أنه انطلق في ركب الخالدين ليسجل اسمه بجوار ولديه في سفر البطولات والكرامة الحقيقية، مقدماً روحه الطاهرة بعد أن قاتل فجور الحوثيين وارهابهم، وتألم من فشل الشرعية وخيانات قياداتها وحقدهم وتفكيرهم المناطقي وحساباتهم الحزبية.
كم يصغر المرء أمام تضحيات المحافظات الجنوبية، وكم يتقزم أمام التضحيات التي لم تقتصر على مناطقهم بل امتدت الى الساحل الغربي والحديدة، واب، وغيرها من المحافظات... فهل يا ترى تشعر القيادات العسكرية والسياسية والاجتماعية المتمسكة بالمناصب والجاه بالخزي والعار، وهم يرفلون في نعيم ما تبقى من وطن، وما زالوا يتقاتلون ويتآمرون على بعضهم بعضا ويعملون ليل نهار على نهب الوطن الذي أضاعوه بخبثهم وعنجهيتهم وفسادهم.