العواطف والشعارات لا تُسمن ولا تُغني فلسطين والقدس.
لفت نظري استغلال الحوثي لعواطف اليمنيين بشأن فلسطين والقدس وحشدهم في الميادين في مناطق سيطرته، وهو ما لم يعد على القدس وفلسطين وقضيتها بأي عائد إيجابي.
وها هي غزة تُقصف بطائرات إسرائيل بعد يومين من فعالية الحوثي وحشوده، وفي الوقت الذي يردد الحوثي وأتباعه فيه شعار "الموت لإسرائيل" بكرة وعشيا، تتجه صواريخه وقذائفه وجحافله المليشاوية نحو مدينة مارب.
كل هذه الحشود غثاء ودوشة لا فائدة منها ولا يُبنى عليها أي موقف لصالح فلسطين، ولا تمثل أي رقم سياسي أو عسكري لصالح قضيتها، وهذه هي الحقيقه التي لا ينكرها أحد.
لا شيء، غير الميدان العسكري يمكن أن يحقق أدنى النتائج، وعلى حسب موازين القوة والسيطرة فيه، يتم ضبط المد والجزر في طبيعة ونوع وفاعلية المواقف الدولية والاممية المتعلقة بهذا الشأن، وهو ما لا يأتي بفعل الفارق الكبير في موازين قوى الفصائل وإسرائيل.
لذا فالفعاليات الاحتجاجية في الساحات الحوثية وغيرها، ومثيلاتها هشتاقات وسائل التواصل، كلها لا تجدي، وهذه الأخيرة -الهاشتاقات- لم يثبت أنها أثرت يوماً على أي موقف أو خلقت رأيا عاما، منذ ظهور وسائل التواصل.
وبالعودة إلى الحشود والساحات التي انفرد بها الحوثي قبل أيام، فالهدف الحقيقي منها، هو إرسال رسالة حوثية للأمم المتحدة وأمريكا مفادها "هذه شعبيتي، وعليكم صياغة مبادراتكم وخططكم لأي عملية سلام قادمة في اليمن، وفق هذه المعايير".
فالحوثي يدرك جيدا أننا في توقيت مهم وحساس، تتكثف فيه المبادرات والجولات المكوكية للمبعوثين الأممي والأمريكي لبحث إمكانية الوصول إلى صيغ مناسبة لحل وإنهاء الصراع المتصاعد في اليمن منذ ست سنوات، وهذا ما أراده الحوثي من حشد الناس باسم القدس، وهو بهذا يجسد واحدة من أخطر استخدامات الجماعات الدينية للقضية الفلسطينية لصالح مشاريعها ولخدمة أهدافها الخاصة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك.