حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

العرب ومعايير الانتصار

Saturday 22 May 2021 الساعة 11:14 am

‏ينتصر العربي في معاركه قبل أن تنتهي المعركة، وأحيانا قبل أن تبدأ المعركة. 

يفصل العربي فصلا هزليا بين الانتصار وبين كسب المعركة. 

فهو ليس بحاجة لكسب المعركة لكي يعلن انتصاره، يكفي أن هناك معركة حتى لو أعادت المجتمع إلى العصر الحجري... والسلام.

يخفف العربي معايير الانتصار كلما طالت المعركة.

 في البداية يكون المعيار "هزيمة العدو"، ثم يتخفف ليصبح "مقاومة العدو"، ثم يتراجع ليصبح "الصمود في وجه صفعات العدو"، ثم يصبح النصر اسما فخريا للهزيمة والدمار.

* * *

حول قضية فلسطين... لا بد من التفريق بين الجانبين الإنساني والسياسي.

الجانب الإنساني واضح وضوح الشمس ولا ينكره إلا مختل: شعب يواجه عنفا وتجريفا وإبادة منظمة منذ ثمانية عقود.. ويحتاج كل جهود التضامن الشعبي والدبلوماسي والدولي.

أما الجانب السياسي فهو مجال الاختلاف وتعدد وجهات النظر. 

ومن ضمن ذلك الخلاف على الوسيلة الأنسب للمقاومة.

جميعنا يتذكر قبل سنوات أثناء موضة التفجيرات الانتحارية داخل الخط الأخضر أن من كانوا يرفضون التفجيرات بحجة أنها تضر بالقضية وتضع الفلسطينيين في خانة الارهابيين كانوا يتهمون بالتصهين والخيانة والخنوع. 

ومع الزمن اقتنع أشد المتحمسين لها بخطورتها ولا جدواها وانتهت تماما كاستراتيجية للمقاومة.

واعتقد أن الإطلاق العشوائي للصواريخ اليوم يحمل نفس الضرر الذي كانت تسببه العمليات الانتحارية، وأن المقاومة بكل فصائلها ستتوقف عنها بعد أن تتكشف عن دمار هائل وخسارة سياسية ضخمة، واتمنى أن يتم ذلك قبل فوات الأوان.

لكن أخطر ما في صواريخ حماس أنها تنقل الصراع إلى مواجهة بالوكالة بين إيران وإسرائيل، وهذه هي أكبر خسارة يمكن أن تمنى بها القضية.

أنا شخصيا لا اؤمن بحركة مقاومة تعادي الحريات وتحتقر الإنسان وتحول سكان غزة إلى رهائن.

ولا اؤمن بحركة مقاومة تسترخص دماء المدنيين، الذين يجب أن تحميهم، وتضحي بهم من أجل توازنات اقليمية لا علاقة لها بفلسطين. 

ولا اؤمن أن الأنظمة التي تقمع اليمنيين والعراقيين والسوريين والايرانيين وتمارس ضدهم أبشع انواع القمع والاذلال يمكن أن تؤتمن على قضية إنسانية كقضية فلسطين.

النضال الشعبي المدني الطويل متزامنا مع دبلوماسية دولية نشيطة وتفاوض سياسي يتجاوز عقدة ال rejectionism الطويلة هو الاستراتيجية الأنسب لتحقيق أول خطوة في الخلاص الفلسطيني: دولة مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك