مثلت المجزرة التي ارتكبتها جماعة الحوثي بحق المدنيين في مدينة مأرب شرقي اليمن، جريمة حرب بكل المقاييس، فقد كان من بين ضحاياها أطفالٌ وأفرادٌ مدنيون ولم تتحدث المصادر عما إذا كان هناك ضحايا من العسكريين أو الأمنيين أو حتى الموظفين الحكوميين.
تقول القيادات الحوثية إنها استهدفت بقصفها موقعاً عسكرياً، لكن السؤال الذي يفقأ عين كل من يقول هذا هو: كيف قُتِل الأطفالُ إذا ما صح أن الموقع المستهدف هو عسكريٌ؟
الجماعة الحوثية لا تخجل من سقوط ضحايا من الأبرياء عند ما تنفذ عملياتها العسكرية حتى لو كانوا أطفالاً أو نساءً أو مسنين ، وما يزال الجميع يتذكر حادثة مطار عدن التي أرادت الجماعة من خلالها قتل وزراء الحكومة الشرعية، فكان الضحايا كلهم من المدنيين ممن جاءوا لتوديع أو استقبال مسافرين من أقاربهم وذويهم، وبعض من رجال الأمن في خدمات المطار، ومن منا يمكن أن ينسى قصف الجماعة وحلفائها لزوارق النازحين من مدينة التواهي بعدن إلى شواطئ الحسوة أو قصف مخيم النازحين في منصورة عدن في العام 2015م وما ذهب ضحيتها من الأطفال والنساء والعجزة.
لا يمكن لكل ذي ضمير حي إلا أن يسجل أعلى وأشد درجات الإدانة والاستنكار لمثل هذه الجرائم مهما كان وأينما كان المُستهدَف بها طالما لم يكن طرفا في الحرب.
ثقافة الحوثي في الحرب هي تقليد لموروث أصيل لدى كل المكونات العسكرية اليمنية في جميع حروبها، وليست حكرا على الحوثيين وحدهم، ومن منا يمكن أن تسقط من ذاكرته حالات القتل المتعمد لمدنيين جنوبيين أثناء ثورة الحراك الجنوبية السلمية، أو ما يتعرض له اليوم المدنيون الجنوبيون في شبوة وسيئون من حملات قتل واغتيال وملاحقة واعتقالات تعسفية على أيدي الشرعيين الوافدين من مأرب والجوف وأعوانهم، ما يعني أن القتل هو القتل والقمع هو القمع شرعياً كان أو انقلابيا، حوثيا كان أو مؤتمرياً أو إخوانيا، والإدانة يجب أن تكون لكل من يمارس هذا العمل الإجرامي الممنهج من أعداء الحرية والحق والكرامة الإنسانية وقبل كل هذا الحياة الإنسانية.
* **
نالت المقاومة الفلسطينية في غزة وبقية المناطق الفلسطينية تضامنا عربيا وعالميا كبيرا أثناء المواجهات العسكرية مع القوات الإسرائيلية في الحرب العدوانية الأخيرة على غزة وكل فلسطين، لكن عندما يقوم ممثل حماس بتكريم قادة الحوثيين بعد كل جرائمهم ضد الإنسانية وتسليم أحد قادتهم درعا من دروع حماس، فإن هذا يبين الشيزورينيا السياسية لقادة حماس، وربما بالضبط وحدة النهج والموقف للحركات التي تقول إنها إسلامية، إدانة القتلة من جهة وتكريم القتلة من جهة أخرى أمران لا يتسقان.
وبهذا الموقف تضع حماس نفسها حيث يريد لها ممولو الإرهاب والجماعات الإرهابية، مهما قالت إنها تدافع عن الإنسان الفلسطيني.
***
أكبر من يستحق الشفقة في هذا الموقف هم الإخوان في التجمع اليمني للإصلاح الذين يعتبرون حماسَ توأما لهم وقدوتهم، لكنها فضحتهم وأثبتت أن توأم الإصلاح يكرم الحوثيين.
هل سيبارك الإصلاحيون اليمنيون هذه الخطوة أم سيدينونها؟؟
نحن في الانتظار.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك