قالها كمن فاتته فرصة: مات الزعيم صالح قبل أن يكتب مذكراته، نطقها من قلبه وتنهد.
محب لصالح ومخلص ومؤمن بنهجه الذي استشهد عليه، لكنه ينبهر بمذكرات الزعماء ويرى أن الذين كتبوا مذكراتهم هم الكبار ويتحسر على تفويته تلك الفرصة، فهو يريد بعث صالح للأجيال، ألا ينساه الناس، فقط.
لو أن صالح كتب مذكراته لما أحببناه، المزيفون هم الذين يجملون مراحلهم بالكتابة ويسدون ثغراتهم بالكتب ويكتبون تأريخهم بسبق ونية ولا يدعون الناس تكتب للتأريخ.
أولاد السفارات والكواليس والخطوط المشبوهة وذوي المواقف المختلطة يكتبون مذكراتهم لتبييض سني حكمهم، والخونة والبياعون والأعلون ببروج لا تمت للبلد بشيء هم من يدونون ما ستقول الناس عنهم، فقط.
الزعماء مثل صالح؛ نحن نكتبهم،
الناس يرسمونهم على حقيقتهم، فصالح كان واضحاً وبإمكانك أن تجد حكايته الأولى في شفاه وجنبات الأرياف والمعسكرات والرفاق وحياته الثانية، يمكنك أن تدونها من منجزاته وخطاباته وتحركاته، كل شيء على السفود.
كان لقبه الرئيس وعندما تخلى عن السلطة سميناه بالزعيم، نحن وهبناه هذه الصفة من عميق حبنا له، ولو على مستوى قريتك فالرجل الذي يطلق على نفسه الشيخ ليس شيخاً، وهكذا نحن من منحناه الزعامة ومن سيكتب تأريخه بخط شامخ من مواقفه الشامخة.
تابع كل خطاباته، لا أوضح من صالح، في مواقفه، في صحبته، وعداوته، وهب لنا مثلا من الحكام يشرع حياته للعابرين، ومؤكدا الآن سيخطرون كلهم في بالك وستجد الفريد صالح.
لن ننساه، يلمع صالح كلما تقادم، ويتعالى الصالح كلما مرت السنوات، وهذه المنجزات وتلكم العقود الخرافية هي مذكراته، ونحن.
هذه تلويحته الأخيرة، كتب منتهى حياته ببندقيته، فالرجال مثله يكتبون مذكراتهم بالدم، دم الحرية.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك