منذ بداية التخلي عن مهام الحكم، والارتهان للمناكفات الشخصية والحزبية، ومنذ بداية الاستسلام للاحقاد وتسليم الامر برمته للابن، وجوقة من حملة المباخر والمتخمين بالفساد والفشل والخيبات، منذ ذلك الوقت ووضع (الشرعية) غير محسود عليه، حيث اضحت معزولة بعيدة عن الواقع وتطلعات الشعب، وهي عزلة تتعمق داخليا، وعزلة تعمقت اكثر خارجيا. فهل هي لعنة نزلت عليها فجأة من السماء، ام هي لعنة انزلها عليها من تسميهم وتتعامل معهم كخصوم مفترضين، لأنه لا يعقل ان يكون الجميع على خطأ، والشرعية وحدها على صواب، ام هي لعنة انزلتها على نفسها، بتصرفاتها العشوائية، الصبيانية، الكارثية، وفقدانها البصيرة، والنظرة الثاقبة، وعند (تحليل) الأسباب تكون هي من عزل نفسها بنفسها، وليس الآخرون من عزلها.
الشرعية في ورطة دولية نظرا لتعالي الاصوات المنددة بفسادها وعبثها، وانتشار رائحة فسادها ومتاجرتها بمأساة اليمن، وهي أيضا في ازمة اجتماعية داخلية، ولعمري ان الدولة اليمنية، لم يسبق في تاريخها ان شاهدت شخصاً حَكَم اليمن، وبهذه العبثية واللامبالاة، كحكم هذه الشرعية وعلى رأسها هادي، ولم يمر على تاريخها العسكري قائد خائن فاسد وفاشل كما علي محسن، فهذا الرجل أين ما مد يده، ونفث سموم توجهاته الخبيثة، تكون النتيجة الفشل الذريع.
لقد بلغ منا اليأس من هذه الشرعية مبلغا تشرذمت على جنباته أحلامنا وانكسرت أمانينا، كشعب جراء المصيبة التي ألمت بوطننا بسبب هذه الشرعية الرخوة التي لم تعلِ للوطن راية، ولم تحترم تضحيات الأبطال في الجبهات، كما لم تهتم بحال المواطن وما آلت إليه أوضاعه نتيجة فشلها في إدارة مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وكأنها -أي الشرعية وقياداتها- تريد ان تثبت بأنها السوء والشر المطلق الذي يحيق باليمن أرضا وانسانا، وانها بقياداتها أبعد ما تكون عن رجال دولة، والمؤسف أن هناك من يستمر في التغني بها، والدفاع عنها، بعد أن أضاعت بوصلة التوجه والقيم والثوابت الوطنية، وتلحفت بإعلام فاسد ومثقف خانع، يدافع عنها ليل نهار والجوع يقرص بطون الملايين، والحوثي يتمدد في مختلف الجبهات بفعل الفساد المستشري والخيانات المتأصلة في حركات وسكنات وضمائر من يعتبرون قادة ومسؤولين.
لقد توارى الرجال وتسيد أشباههم في زمن ماسخ نعيشه، وفي ظل شرعية فاسدة ومفسدة تعيش اليمن حقبة سوداء من تاريخها، حقبة استنسر فيها البغاث واستبحر الغدير وتكلم في شؤون الناس الفشلة والفاسدون ممن هم أحق بالإلجام، واستأسد الغي على الرشد، والفأر الجبان على الشجاع المقدام، واصبح الابطال وتضحياتهم رهينة لمزاج النائب ومصالح جماعة الإخوان، وباتت الجبهات مثبطة، واي تقدم سيواجه بالغدر والاحباط، والجيش ملك لجماعة وليس لوطن، وبدلا من تحرير المغتصب يتوجه لتحرير المحرر، وأصبحت معالم الجريمة واضحة تجاه وطن بأكمله أريد له أن يكون تائها مدمرا، يتحكم بمصيره المتخمون بكل سوء ومنكر، من امثال المقدشي واليدومي وعلي محسن وجلال، وبقية شلة التافهين محدودي الرؤية والتفكير.
ختاماً.. قال أحد القضاة قديماً: وما شرَّف الأوطان إلا رجالها * وإلا فلا فضل لترب على ترب.
فشرف الأوطان يصنعه ويذود عنه الرجال، وهذا ما تفتقد اليه الشرعية، ولن أكون مبالغا إذا قلت بأنه كلما بزغ بريق من الأمل تلته الشرعية وحسابات شخوصها الخاصة، بغيوم الطعن من الخلف، لتهوي بأماني الشعب اليمني، وتقضي على احلامه بالخلاص من براثن الحوثية وكل جماعات الاسلام السياسي.
ولكن على كل مستهتر بالشعب أن يعي أن لا دوام لحصون الظلم والفساد مهما راوغت وتشبثت وخانت وتخادمت مع هذا الطرف او ذاك.