أرواد الخطيب

أرواد الخطيب

السلام الممكن في اليمن

Tuesday 17 August 2021 الساعة 10:13 am

انتصف العام السابع من الحرب الدائرة في اليمن والتي جعلت هذا البلد يشكل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومع ذلك فإن الرؤية القاتمة لمستقبل هذه البلاد لا تبدو منطقية، بل إن إمكانية تحقيق السلام ما تزال ممكنة، وباستطاعة الأطراف المحلية الاقتراب منها وفي وقت قياسي ربما يكون أسرع بكثير مما نتصوره، غير ان الوصول إلى هذه الغاية يتطلب إذا من الجماعات المتصارعة التعامل وفق مصالح وطنية، وان تتحرر من التبعية الخارجية التي حولت هذا الصراع إلى حرب بالوكالة لصالح أطراف إقليمية. 

وحتى لا نتوه في التنظير ونبالغ في التشاؤم عند الحديث عن إمكانية إنهاء الحرب وتحقيق السلام، فإننا ولأسباب تداخل فيها العوامل الخارجية مع وهم القوة الداخلية فرطنا خلال محادثات الكويت منتصف العام 2016 باتفاق مكتمل لايقاف الحرب والذهاب نحو مرحلة انتقالية تقود في النهاية إلى انتخابات عامة. واتحدث هنا عن الاتفاق الذي اكتمل النقاش حوله تعذر التوقيع عليه فقط في النهاية، إذ إن هذا الاتفاق كان وضع محددات وقف القتال ومراقبة الالتزام به وحدد آلية سحب الأسلحة وتجميعها بعيدا عن العاصمة، وسمى الوحدات العسكرية التي ستتولى استلام العاصمة وتأمينها وحتى الشخص الذي سيتولى قيادة الفترة الانتقالية والذي ستنقل إليه صلاحيات الرئيس. 

ومع تعيين الدبلوماسي السويدي هانز جورندبرج مبعوثا امميا إلى اليمن وهو بالمناسبة المبعوث الدولي الرابع، فان خطة الأمم المتحدة الاخيرة لوقف الحرب تمثل اليوم احدى الممكنات لانهاء هذا الصراع المدمر، لانها وان تركت للمحادثات التي تعقب اتفاق وقف الحرب مهمة تحديد الفترة الانتقالية واختيار ادارتها خلافا لما كان عليه الأمر في اتفاق الكويت عام 2016، إلا أن الإطار العام للحل تشكل مع سنوات الحرب والذي يقوم على أساس وقف شامل للقتال ومراقبة دولية على الالتزام به وتشكيل سلطة انتقالية تتولى مهمة إعادة تشكيل قوات الجيش والأمن ودمج التشكيلات المسلحة لكل الأطراف فيها واستكمال الحوار حول مسودة الدستور وصولا إلى المصادقة عليه والذهاب نحو انتخابات عامة.

ولأن الوقائع تؤكد أن اليمنيين وحدهم بيدهم قرار الحرب او انهائها مهمها تعاظمت التدخلات الخارجية، الا ان الكثير من اليمنيين يوقنون بنظرية المؤامرة، فيعتقد البعض منهم ان اشعال الحرب واستمرارها وسيلة من اطراف اقليمية لتفكيك البلد ومنع قيام دولة وطنية مستقلة تؤثر على المنطقة بحكم موقعها الجغرافي الهام واطلالها على ممر دولي هام هو مضيق باب المندب، ويذهبون بخيالاتهم للقول ان الهدف من استمرار الصراع هو منع بلدهم من الاستفادة مما يقولون انها اكبر بحيرة نفطية في اطراف الربع الخالي واحتياط من الغاز الطبيعي يفوق ما هو مكتشف في بلدان عربية اخرى مع انه لا يوجد اي اساس علمي لهذا التصور الذي يوقن به قطاع واسع من اليمنيين.

ومع ذلك فإن المعاناة التي خلفتها الحرب اوجدت رؤى شبه واقعية لكيفية الحل فيرى هذا القطاع ان ادخل يمكن فًي وقف التدخل الخارجي في الشئون اليمنية. والحل وتقاسم السلطه وإتاحة الفرصة لجميع اثنين الجلوس على طاولة الحور، فقد تعرضت النخب السياسية والأحزاب لنقد لاذع بل وفقدت جزءا كبيرا من جمهورها الذي أصبح يرى أن القادة السياسيين من الطرفين استغلا سنوات الصراع لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية كبيرة وتركوا الملايين يواجهون مخاطر المجاعة والتشرد، كما فقد الاعلام ثقة المتلقين بشكل كبير بسبب اختفاء وسائل الإعلام المستقلة وطغيان الجيوش الإلكترونية لأطراف الصراع ووسائل اعلامهم. 

ومع ذلك فإن المكنات اليوم قد لا تتوفر في المستقبل القريب اذا ما استمرت الحرب، لان ذلك سيؤدي إلى تعميق التدخلات الخارجية والانقسامات المحلية، كما ان من شأنه أن يوجد لاعبين اضافيين على الساحة وما يرتبط بذلك من مصالح تتشكل كل يوم في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة من كل الاطراف، ومعه يتم استحضار النموذج الصومالي فرغم انتهاء القتال بعد استرضاء امراء الحرب الا ان الواقع على الارض يؤكد ان هناك دول متعددة داخل الدولة وانه ورغم مضي اكثر من ربع قرن على الصراع فان استعادة الخارطة الصومالية التي كانت قائمة قبل انهيار نظام حكم زياد بري ما يزال بعيد المنال.

* مدير إدارة البرامج والتدريب 

يمن انفورميشن سنتر