مرة أخرى..
أعتقد أنه لا يمكن للإنسان الطبيعي أن يكون محايدًا في جميع الأحوال، بحيث يكون على مسافة واحدة من «الحَسَن والسيئ»؛ لأن فطرته تدفعه إلى الذهاب إلى ما يراه حسنًا أو أحسن منه.
أما الحياد تجاه ما هو «سيئ وسيئ»، فهو مسلك العقلاء في كل زمان ومكان، إذ لا يُفَضّل سيئًا على سيئ إلا متعصب أو مأجور.
فمن أراد أن يكون الناس معه دون حِياد، فليكن أفضل من مُنَافسه.. أما إذا كان وجهاً آخر للسوء، فلا يلوم الناس إن تركوه؛ بل يلوم نفسه.
* * *
قبولنا أو رفضنا للأفكار والأخبار وتفسير مجريات الأحداث، يرجع في الأساس إلى مستوى تعليمنا ونمط تربيتنا.
فمِنّا من يتقبل ما يقول الآخرون لمجرد أنهم قالوا.
ومنا من لا يجبره على التصديق سوى الأدلة والبراهين.
ومنا من يسقط تحت تأثير الأقاويل الخطابية وسحر البيان، ومنا من تؤثر في وعيه الأساليب الجدلية والحملات الدعائية، بشقيها: المعقد والبسيط.
وهذا من حيث المبدأ أمر طبيعي، علينا أن نتفهَّمه، سواء من أنفسنا أو من غيرنا؛ لكي نستريح من الحَمْل على الآخرين ونريحهم من أوهامنا.. ولا مانع من الحوار وتبادل الأفكار تحت هذا السقف.
الحمقى فقط هم أولئك الذين يفترضون أنه يتعين على الآخرين أن يفكروا بنفس طريقة تفكيرهم، ويتوصلوا -رغما عنهم- إلى نفس ما توصلوا إليه ويناضلوا من أجله.
وكأن الله قد جعلهم قِبْلة الكون وشوكة ميزان الحقيقة!!
*جمعه "نيوزيمن" من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك.