أبدى زعيم الحوثيين رفضه للسلام، من خلال ما أعلنه في خطابه لأتباعه منذ يومين في إحدى المناسبات المذهبية، قائلاً، إنه وجماعته عقدوا العزم على ما أسماه "تحرير كل اليمن"، في إشارة واضحة عن رغبة الحوثي ومن خلفه ممولوه في إطالة أمد الصراع، ورفض أي مبادرة للحل، وإحلال السلام.
يعمل الحوثي في مهمته الموكلة إليه بكل تفان، ولا يفوت فرصة إلا واستغلها لإظهار مدى حرصه الشديد على إبقاء اليمن في دوامة الصراع خدمة لمشاريع إيرانية بحتة، بعيداً كُل البعد عن ما يتشدق به من وطنية أو رغبة في السلام كما يدعي، ولأنه موكل بملف التخريب لليمن، وإزهاق أرواح أكبر عدد ممكن من اليمنيين، وإدخال الحزن لكل بيت في بلادنا، فمن الطبيعي أن يتحدث عن قرار استمرار الصراع، فهو لا يجيد لغة سوى لغة الدم، وليس لديه ما يقدم سوى البؤس والجوع والموت، وتلك هي أماني وغايات أمثاله ممن لا تزيد أحلامهم عن أن يكونوا مجرد "قتلة مأجورين".
يسهب الحوثي في كل مناسبة دينية مذهبية أو وطنية في حديثه لأتباعه، ينتقل من عصر الصحابة مرورا بقتل الحسين وحفيده زيد، وصولاً إلى ترديده مقولات ربه الأعلى في طهران عن الشيطان الأكبر، ودول الاستكبار، وغيرها من الشعارات، وخلال حديثه الممل الذي يمتد لقرابة الساعة والنصف، يناقض نفسه كثيراً، كمريض نفسي مصاب بانفصام شخصية، تجده تارة يتحدث عن السلام، لينتقل مباشرة إلى التهديد والوعيد، ويعود مرة أخرى لينظر عن الحل وكيفيته، قبل أن ينقلب على نفسه مرة أخرى ويكشف عن مخططهم في إبقاء الحرب واستمرار دوامتها، وإشارته الأخيرة عن نية معقودة لمهاجمة كل المحافظات المحررة تحت مسمى (تحريرها من الاحتلال)؟!! رغم أنه لو تأمل في مشروعه وجماعته، وقارن بين صنعاء في السابق وصنعاء اليوم، لأدرك أنه مجرد صولجان في يد المحتل الفارسي وخادم مطيع لأوامر الحرس الثوري، وأنه وجماعته أحالوا صنعاء وما حولها إلى حسينية كبيرة، وسلخوها عن عروبتها رغم مقاومة المجتمع لفكره الضال، ولأدرك أيضاً أنه لولا بطشه وسلاحه لما خضع الناس وسكتوا على ما يفعله من تدمير فكري وثقافي ومؤسساتي طال كل مناحي الحياة، وتلك هي أفعال المحتل بلا أدنى شك.
فهل يا ترى تفهم نخبنا السياسية، أنه من الغباء انتظار السلام من الحوثي، وأن الحل يكمن في تطهير الشرعية من رجس الفاسدين والخونة، وأن من واجب المخلصين جميعاً العمل على حماية المكتسبات التي تحققت في المحافظات الجنوبية، والساحل الغربي، وتوحيد الجهود نحو المعركة الفاصلة لاستعادة اليمن وتخليصه من شر العميل الإيراني المتمثل في جماعة الحوثي، أم سيبقى وضعهم على ما هو عليه من فشل وخيانات وتخوين وفساد؟، حتى يبتلع الحوثي كل اليمن، ويحول بلادنا إلى ساحة حرب مفتوحة، خصوصا وأن الحوثي في خطبه وملازمه لا يحشد أتباعه المغرر بهم للسيطرة على اليمن فقط، بل ويمنيهم بالحج مسلحين وتحرير بيت المقدس، بمعنى آخر يعدهم ويهيئهم لحرب مدى الحياة.