لن ننتصر فى الحرب الدائرة ضد وكيل إيران في اليمن، جماعة الحوثي، ما لم يكن لدى القيادة السياسية والعسكرية (الشرعية) -إذا جاز لنا التعويل عليها أصلاً- رؤية واضحة لها وطبيعة الخصم ومدى فاعلية كل وسيلة من الوسائل المتاحة فى هذه الحرب. لكن تحركات وردود أفعال الشرعية ومن يدور فى فلكها من سياسيين وإعلاميين تشير إلى افتقاد شديد لمثل هذه الرؤية، وغياب تام للإحساس بالمسؤولية، أو الرغبة في الانتصار للوطن والشعب من العبث والإرهاب والإجرام الحوثي.
فتعامل الشرعية بمختلف قياداتها، وقراراتها فى أعقاب سقوط ثلاث مديريات في شبوة وعدد من مديريات مارب، هو ذات التعامل المتخاذل واللامبالي بعد كل جريمة أو تقدم، أو خيانة مبنية على حسابات حزبية تسهل للحوثي التمكين والسيطرة، ولم ولن يتجاوز ما صدر عنها من قرارات ومواقف فى أعقاب كل عملية تقدم أو استهداف سوى تلك التغريدات المضحكة، والتصريحات المطاطية التي اعتادت القيادات السياسية والعسكرية إطلاقها بهدف الاستهلاك الإعلامى وامتصاص الصدمة الشعبية.
لن ننتصر فى الحرب على الحوثي ومشروعه الظلامي، إلا إذا بلورنا رؤية وطنية ومشروعا وطنيا جامعا، وقام الفاعلون بإصلاح الشرعية ومحاسبة من تسببوا وما زالوا في كل ما يجري من هزائم وخيانات، وتبادل أدوار الاستلام والتسليم، والتوجه برؤية ونية خالصة نحو تجفيف منابع الإرهاب الحوثي، واستعادة الدولة التي مزقها ودمرها ونخرها بفساده وعنصريته، وإنقاذ اليمن عموماً من الغر العميل الإيراني الذي يريد تحويل بلادنا إلى ضيعة إيرانية متطرفة وبائسة.
هذه الرؤية يجب أن تسعى للاستفادة من الرفض الشعبي التام للحوثي، وأن تدعم بصدق تلك القبائل التي تواجهه في مارب، وأن تحرك ألويتها العسكرية وإمكانياتها القتالية نحو صنعاء وعمران والحديدة وصعدة، لا أن تحركها نحو المحرر، كما أن عليها أن تستفيد من الأخطاء القاتلة المتمثلة في استئثار جهة معينة بالشرعية، والتي في سبيل بقائها وتحكمها، تحيك كل يوم مؤامرة جديدة وتنسج حلفا جديدا مع الحوثي، يتسلم الحوثي منها المواقع والسلاح والعتاد، ويسيطر على المحافظات الرافضة لذلك الحزب المعروف، وكأنهم يريدون إرسال رسالة مفادها (إما نحن أو الحوثي).
استمرار الحديث عن «الإرهاب الحوثي» و«المؤامرات الدنيئة» و«الأيادي الخارجية» دون إعادة النظر فيما ثبت فشله من سياسات فى مواجهة هذا الخطر يعنى أن البلاد تخوض تلك الحرب بالفعل بلا رؤية، وأن التحالف وخصوصا السعودية ما دامت متشبثة بتلك القيادات والجهات الحزبية الفاشلة والفاسدة، إنما تحرث البحر، ولن تحقق سوى الخسران لها ولنا، ولن يكون هناك رابح أكبر من الحوثي، إذا ما استمرت السياسة المعمول بها والتعامل بهذا الشكل، دون أي تحرك للتصحيح والإصلاح والمحاسبة التي كان يفترض أن تبدأ منذ سنوات، حتى لا نصل إلى نكسة وادي آل بوجبارة أو انسحابات نهم والجوف وخيانات العود والقنذع ومارب وشبوة اليوم، خصوصا وأن الخيانة واضحة وشخوصها معروفون، ولعل ما تحدث به الحسن أبكر دليل واضح على ما يحدث من خيبات وخيانات وفساد.
أخيرا.. أتمنى لو استفاق التحالف كونه العون والسند، ومن ثم القائمون على الأمر فينا قبل أن نردد جميعا من جديد كلمات نزار قبانى الخالدة:
إذا خسرنا الحرب لا غرابة.. لأننا ندخلها
بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة
بالعنتريات التى ما قتلت ذبابة
لأننا ندخلها.. بمنطق الطبلة والربابة.
وبكل صراحة علينا كيمنيين أولا، وعلى دول الإقليم أن تفهم أن لا نصر بقيادة هادي، وأن استمرار الرهان وتجريب المجرب (علي محسن) خطأ ومصيبة وتعامٍ نهايته الخسران، فالجميع مقتنعون أن هادي ونائبه مشكلة وليس حلا أو باب انتصار.